محمد مرشد

أوكرانيا تعيش الكابوس في ظل تفوق عسكري روسي يقلق الغرب

مضت أيام على بدء العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا ومعها يتقدم الجيش الروسي ليحقق انتصاراتٍ كبيرة على نظيره الأوكراني الذي تدعمه الولايات المتحدة والدول الأوروبية والغربية دعما معنويا وعبر إمداده بالأسلحة أيضا، في غضون ذلك طلبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس 10 مليارات دولار من المساعدات الإنسانية والدفاعية لأوكرانيا.

ومع كل انجازٍ يحققه الجيش الروسي على أوكرانيا، تزدادُ الضغوطات والعقوبات على روسيا، فبديل الحرب العالمية الثالثة عقوبات ستخنق روسيا بحسب بايدن الذي لم يتوان عن مساعدة أوكرانيا وتقديم السلاح المتطور لها، بالمقابل يزداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمسكا بمواقفه وتصريحاته ضد أوروبا والغرب، فيما تستمر القوات الروسية بتحقيق أهدافها العسكرية على الأرض بالزحف نحو كييف، على الرغم من التعتيم الإعلامي والأموال التي تدفع والفبركات والتهويل والتضليل التي تنتهجه الكثير من القنوات الفضائية الأجنبية.

تدرك الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي أن العقوبات التي تفرض على روسيا والتي لم تأخذ فقط طابعا اقتصاديا أو سياسيا، بل تعدت لتصل الى الفن والرياضة وطرد ديبلوماسييها، ستكون لها تداعيات خطيرة في حال منع الرئيس الروسي غاز روسيا عن أوروبا و غيرها من الدول، فيما تخشى بعض الدول الغربية فعليا فرض أي عقوبات إستراتيجية على قطاعي الغاز والنفط في روسيا، لأن ذلك سيكون له تداعيات كارثية من حيث ناحية توفير الإنتاج و عدم قدرتها على تحمل ارتفاع أسعار موارد الطاقة التي سترتفع بشكلٍ جنوني وتلهب القدرة الإنتاجية، وكلفة الإنتاج في كافة معاملها ومصانعها، ما يهدد الأمن الاقتصادي والغذائي العالمي، أما الحل بحسب خبراء فيكمن بإعطاء ضمانات أمنية لروسيا التي لن ترحم أوكرانيا ومن معها فيما لو استمرت العمليات العسكرية على أوكرانيا، وتهدف روسيا من الحرب إلى تحقيق اتصال بري من شبه جزيرة القرم عبر أوديسا إلى ترانسنيستريا في عمق شرق أوكرانيا.

يعلم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الغرب وأوروبا تخلوا عنه ولن يخوضوا حربا مع روسيا، وأنه تورط في حرب قاسية أوقعته في مستنقعٍ كبير، والنتيجة محسومة لصالح روسيا الدولة العظمى التي عادت وبقوة منذ سنوات وهي ستحقق أهدافها طبقا لتقديرات المراقبين، لكنه يعلم أيضا أن خروجه من الحرب مع روسيا ليس بالأمر الهين واليسير.

خبير في السياسة الدولية جزم بأن خبراء "إسرائيليون" اقتنعوا تماما أن روسيا ستهزم أوكرانيا ومعها حلفائها، وإسرائيل تعرف تمام المعرفة أن الرئيس الروسي ماض في حربه وسينتصر، ولعل صمت بعض الدول عن كل ما يجري هو نتيجة الخوف على مصالحها المالية والإقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم.

فرض الغرب والاتحاد الأوروبي حزمة متنوعة من العقوبات المالية والاقتصادية على موسكو وطالت مختلف الشركات المالية والإقتصادية الروسية، كذلك فرضت عقوبات على شخصيات روسية تحمل طابعا اقتصاديا وسياسيا، فيما قامت الولايات المتحدة وأوروبا بحسب تحليلات الكثير من الساسة بتحريض النظام الأوكراني ضد روسيا من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية مهمة تخدم مصالحهما المتنوعة وعزل روسيا عن العالم كله.

في هذا السياق يؤكد احد خبراء الإقتصاد أن الحكومة الروسية كانت تعلم بكل هذه العقوبات الإقتصادية والمالية المتنوعة التي ستفرض عليها فيما لو شنت حربا على أوكرانيا، لذلك فإنها قد أعدت العدة واستعدت لحماية اقتصادها ومواردها بشكل استباقي، ويتابع الخبير الإقتصادي أن الإقتصاد الروسي قادر على الصمود لمدة طويلة أمام هذه العقوبات.

تحتل روسيا المركز 11 عالميا ضمن قائمة أكبر اقتصادات العالم بناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 1.57 ترليون دولار سنويا، كما يبلغ حجم الاحتياطات الأجنبية النقدية في البنك المركزي الروسي حوالي 623.2 مليار دولار.

وتحتوي روسيا على أكثر من 30 % من موارد العالم الطبيعية، تقدر القيمة الاجمالية للموارد الطبيعية الروسية بحوالي 75 ترليون دولار وفقا لتقديرات البنك الدولي.

والأهم أن روسيا هي البلد الأول بالعالم من حيث امتلاك احتياطات الغاز الطبيعي بحوالي 49 ترليون متر مكعب، هذا إضافة الى أنها أكبر مصدر للقمح في العالم بقيمة تقارب 18% من مجمل صادرات القمح العالمية، وهي تصدر سدس صادرات العالم من المواد المختلفة.

أما عسكريا، تعتبر روسيا من الدول المتقدمة جدا في مجال صناعة وتصدير الأسلحة المتطورة بما في ذلك الطائرات المقاتلة والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، وتحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث صادرات الأسلحة بعد الولايات المتحدة الأميركية.

مما لا شكَّ فيه أن الولايات المتحدة الأميركية ومعها أوروبا تعاقب الدول بعقوبات إقتصادية من أجل إخضاعها وإضعافها، لكن الواضح أن روسيا الدولة العظمى تمتلك إمكانيات إقتصادية كبيرة تخولها الصمود بوجه الهجمة الأميركية والأوروبية الشرسة، وهي تمتلك امكانيات طبيعية هائلة تمكنها من مواجهة هذه العقوبات لفترة زمنية طويلة، وهو ما يراهن عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مواجهته للغرب.

يرى عدد من المحللين، بان كل العقوبات على روسيا لن تؤثر على خطط بوتين العسكرية الماضي في حربه على أوكرانيا، وهو بتحركه العسكري أعاد خلط الأوراق عالميا بين الغرب والشرق.

مقالات الكاتب