تقرير تقصي الحقائق ينكأ جراحا ليبية.. غضب ومطالب بمحاسبة المليشيات

وكالة أنباء حضرموت

خطف وقتل واختفاء جرائم عدة تعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في ليبيا، على يد المليشيات المسلحة، فيما كان الصمت الدولي على تلك الانتهاكات سيد الموقف.

ذلك الصمت، كان رغم المناشدات المحلية والدولية بضرورة محاسبة المليشيات المسلحة في غربي ليبيا على جرائمها بحق المهاجرين غير الشرعيين، والذين باتوا بمثابة مشروع للثراء السريع لتلك العناصر المسلحة، التي تقتات على آلامهم، وتستمد من أحلامهم بالجنة الأوروبية سبيلا لابتزازهم وذويهم.
 

إلا أنه حينما قرر المجتمع الدولي ممثلا في البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا التابعة للأمم المتحدة، الدخول على خط "الانتهاكات" التي يتعرض لها المهاجرون، خاصة فيما يتعلق بموضوع الهجرة غير الشرعية، حمل البلد الأفريقي المسؤولية عنها، متجاهلا أنه مجرد دولة عبور، وليست مقصدًا أو منبعًا للهجرة غير الشرعية.

فماذا تضمن التقرير؟

قبل أيام، نشرت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا تقريرها النهائي، والذي أعربت فيه عن " قلقها العميق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في ليبيا"، متحدثة عن تعرض المهاجرين لما وصفته بـ"التعذيب المنهجي".

وذكر التقرير أن "هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الاستعباد الجنسي الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية قد ارتكب ضد المهاجرين في مراكز احتجاز رسمية وفي سجون سرية"، مؤكدة أنها "ستشارك مع المحكمة الجنائية الدولية المواد والنتائج ذات الصلة التي جمعتها البعثة خلال ولايتها، فضلا عن قائمة الأفراد الذين حددتهم على أنهم الجناة المحتملون لانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية".

غضب ليبي

مضمون ذلك التقرير أثار غضب البرلمان الليبي الذي أصدر بيانًا على لسان رئيس لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب الليبي سليمان الحراري، معتبرًا إياه "انحيازاً وغياباً للموضوعية وتعمداً لتشويه صورة ليبيا وتحميلها المسؤولية عن أزمة تدفقات الهجرة".

وفيما قال الحراري، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن التقرير كان "عبارة عن حلقة مفرغة من الاتهامات لليبيا"، أشار إلى أنه "غفل الأوضاع الصعبة التي تمر بها ليبيا وهشاشة المؤسسات الحكومية التي بالكاد تحاول تأمين الحياة الكريمة ومن الصعب عليها توفير احتياجات مئات الآلاف من المهاجرين الوافدين بشكل غير قانوني إلى ليبيا بسبب أوضاع المنطقة".

وأكد رئيس اللجنة البرلمانية الليبية أنه "لا توجد برامج دعم دولي كافية لليبيا"، مشيرًا إلى أن "كثيرًا من المساعدات يقدم لجهات غير رسمية وسط غياب لإستراتيجية حقيقية لتخفيف الأزمة".

وحمّل سياسة الاتحاد الأوروبي في ليبيا بخصوص ملف الهجرة المسؤولية عن تفاقم الأوضاع، مشيرًا إلى أنها ارتكزت على إنقاذ المهاجرين من البحر وإعادتهم للأراضي الليبية مما تسبب في تكديس مئات الآلاف في ليبيا.

وأشار إلى "تجاهل التقرير للمداهمات التي شهدتها المناطق العشوائية في طرابلس "، مؤكدًا أن هناك "أعدادًا كبيرة من المهاجرين غير النظاميين متورطين في تجارة المخدرات والدعارة"، على حد قوله.

وانتقد رئيس لجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان عدم الإشارة "إلى جهود ليبيا بإغلاق العديد من مراكز الاحتجاز غير الخاضعة للسلطات المختصة وكذلك حرص السلطات الليبية على التعاون مع المنظمات الدولية مثل منظمة الهجرة لتعزيز حوكمة الهجرة والمساعدة في إصلاح التشريعات الوطنية المتعلقة بالهجرة".

انتهاكات عدة

في السياق نفسه، قال عضو مجلس النواب الليبي عبد المنعم العرفي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن هناك "انتهاكات لحقوق الانسان وقعت في ليبيا من خطف وقتل واختفاء"، إلا أنه قال إن "من يُسأل عنها هم أمراء الحرب وأباطرة المليشيات المسلحة".

وأضاف البرلماني الليبي أنه "يثق في القضاء المحلي الليبي في تحقيق العدالة للضحايا حتى وإن طال الزمن"، مشيرًا إلى أن "القضاء الليبي رغم ما شابه إلا أنه لا يزال مستقلا ومحايدا".

وأكد البرلماني الليبي، أن "المشكلة ليست في القضاء الليبي، إنما في تطبيق أوامر القضاء وآليات التنفيذ التي لا يملكها النائب العام الليبي"، محذرًا من أنه حال "عجز" القضاء فسيتم الاستعانة بالمجتمع الدولي "للقصاص من المجرمين منتهكي حقوق الإنسان في ليبيا، كون تلك القضايا لا تسقط بالتقادم".

وطالب العرفي، بتطبيق عقوبات دولية ضد منتهكي حقوق الإنسان في ليبيا، وتجميد أموالهم في الخارج، في إطار تحقيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

وتدير المليشيات المسلحة سجونًا تخضع فقط اسميا لإشراف الحكومة، إلا أنها باتت وكرًا لكل صنوف العذاب التي تمارس بحق المهاجرين غير الشرعيين والتي كان آخرها، قتل 15 مهجر حرقا في مدينة صبراتة داخل قارب في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
 

وفي 30 يوليو/تموز الماضي، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن 1614 مهاجرًا كانوا ضحية لعمليات الاتجار بالبشر خلال عامين في ليبيا، وهو النشاط الذي تمارسه المليشيات غرب البلاد في المنطقة المطلة على البحر المتوسط التي يقصدها المهاجرين للعبور لأوروبا.

وحذرت منظمات أممية من تلك الظاهرة المنتشرة في غرب ليبيا والتي كان آخرها تقرير صدر عن الأمم المتحدة فضح الجرائم التي تشهدها سجون ومنشآت احتجاز تابعة لمجموعات مسلحة ناشطة غربي ليبيا.