الإعلام الحكومي التركي "منعقد اللسان" أمام الأزمة مع السوريين

وكالة أنباء حضرموت

تناولت وسائل الإعلام التركية الرسمية على استحياء التصعيد الأخير في أزمة اللاجئين السوريين وأعمال العنف التي امتدت من ولاية قيصري حتى شمال سوريا الذي شهد موجة احتجاجات شملت أعمال عنف واعتداءات على مبان إدارية والعلم التركي، والتزمت هذه المنابر الصمت باستثناء إيراد تصريحات حكومية دون الكثير من التفاصيل.

وعادة ما تتناول المنصات الإعلام الرسمية خصوصا وكالة الأناضول الرسمية أحداث البلاد والمنطقة بتغطية مكثفة وسيل من التقارير الإخبارية التي تتناول أبسط التفاصيل والمعلومات بين التحليل والأخبار وآراء الخبراء والمتابعين، وتخصص كل يوم العشرات من التقارير عن غزة والضفة الغربية والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، بينما تحاشت الإشارة إلى تطور خطير في أهم قضية تمس الأمن القومي التركي المباشر والعلاقة مع سوريا.

وتجنبت الأناضول بشكل واضح وجلي تسليط الضوء على ما حدث في أزمة اللاجئين سواء الهجمات التي طالت محلاتهم ومنازلهم أو الاعتداءات العنيفة في الشوارع والتي غصت بها مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدت وسائل الإعلام التركية غير معنية بهذه الأحداث التي استدعت من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تناولها خلال اجتماع الحكومة الثلاثاء، واكتفت الأناضول بذكر تعليقات للرئيس أردوغان دون ذكر الكثير من التفاصيل، في إشارة إلى أنها الرواية الرسمية والوحيدة التي يسمح للإعلام بتناقلها ولا مجال لمعالجة أخرى.

طريقة تعامل الإعلام الرسمي مع أحداث قيصري كشفت ارتهانه التام للسلطات التركية وعدم تجاوز التعليمات المحددة

ونقلت الوكالة عن أردوغان قوله إن “النظام العام خط أحمر بالنسبة إلى الدولة ولن نتسامح مع من يتجاوز هذا الخط أو ينتهكه تحت أيّ ذريعة”. وأشار إلى أن تركيا “دولة محصنة ضد مخططات الفوضى التي يتم تنفيذها في الشوارع”.

ولفت إلى أن “خطة الفوضى تمت حياكتها في قيصري، بناء على قضية تحرش مثيرة للاشمئزاز ومخزية للغاية”، مشيرا إلى أن الفصل الثاني من هذه المسرحية تم تنظيمه ضد المصالح التركية والوجود التركي في شمال سوريا. وأضاف “نعرف جيدا من حاك المؤامرة التي تم ترتيبها مع فلول التنظيم الإرهابي الانفصالي، لا نحن ولا شعبنا ولا أشقاؤنا السوريون سيقعون في هذا الفخ الخبيث”.

وأردف “نعلم كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علمنا، ونعرف أيضا كيف نكسر تلك التي تمتد إلى المظلومين اللاجئين في بلادنا”، وتابع “سنحل قضية اللاجئين في إطار عقلاني ووجداني يستند إلى حقائق بلدنا واقتصادنا وليس بناءً على الأحكام المسبقة والمخاوف”.

وكشفت طريقة تعامل وسائل الإعلام الرسمية التركية مع أحداث قيصري ارتهانها التام للسلطات وعدم تجاوز التعليمات التي بدت محددة بهذا الشأن، مع تطورها المتسارع، ووصولها إلى مناطق النفوذ التركية في الشمال السوري، مع اتساع رقعة العنف والاحتجاجات والتي قتل بسببها سبعة أشخاص وتمت إهانة العلم التركي.

واكتفت وسائل الإعلام التركية بخبر ثانوي هو أحد تداعيات الأحداث الرئيسية في ولاية قيصري، بالحديث عن اعتقال رجل هدد سياحا سعوديين في أحد المطاعم. وقد انتشر مقطع الفيديو بشكل واسع على الشبكات الاجتماعية.

وتحدث ناشطون عما تعرضت له الشاحنات التركية في شمال سوريا:

ويرى متابعون أن الإعلام التركي يؤكد بهذه الممارسات ابتعاده عن المهنية، إذ لطالما انشغل بالتظاهرات ضد العنصرية والإسلام واللاجئين في أوروبا وأماكن أخرى من العالم، في ما تجاهلها بشكل فاضح في بلاده، بينما يستمر الكتّاب والصحافيون والمثقفون الأتراك في إثارتها على الدوام على مواقع التواصل الاجتماعي ومدوناتهم، رغم تعرضهم للملاحقة القضائية والسجن والتضييق بسبب آرائهم حولها.

وتؤكد تقارير عديدة أن وكالة الأناضول أصبحت نقطة الانطلاق في حروب المعلومات التي تخوضها تركيا. فعلى مدى السنوات الماضية تراجعت عن موضوعيتها التحريرية في سبيل تقديم وجهات النظر الموالية للحكومة بحماسة، بدءاً من الاتهامات بتزوير الانتخابات، والتشهير وتوجيه الاتهامات ضد منتقدي الحكومة، وصولاً إلى نشر بيانات مضلِّلة حول الحالة الاقتصادية على نحوٍ يدعو إلى التفاؤل لمشتركيها في 93 دولة حول العالم.

وخلال السنوات الأخيرة، أشرف حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان على عمليات استحواذ تضمّنت مجموعة واسعة من وسائل الإعلام، وأصبح مؤيدوه يسيطرون على ما يقرب من 90 في المئة من وسائل الإعلام الخاصة، وباتت تركيا الآن من أكثر دول العالم تقييداً لحريات الصحافيين. وقد أفضى هذا النهج إلى تعريض الديمقراطية التركية للخطر من خلال تقويض أهم الجوانب الأساسية للانتخابات.