اخبار الإقليم والعالم

مشروع طريق التنمية..

هل تعالج الحكومة تحديات غياب الرؤية والاعتراضات الإقليمية والفساد؟

وكالة أنباء حضرموت

منذ أن أعلنت الحكومة العراقية، عن مشروع طريق التنمية، وهناك الكثير من الأسئلة التي تطرح حول جدية المشروع وإمكانية تنفيذه، فضلاً عن فائدته والصعوبات التي يمكن أن يواجهها داخلياً وخارجياً.

والمشروع وفق البيانات الحكومية المتوفرة، هو طريق بري وسكة حديدية تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، حيث يبلغ طوله 1,200 كيلومتر داخل العراق.

"غياب دراسة الجدوى"

وقبل أيام أصدر مركز (كارنيغي الشرق الأوسط)  التابع لمعهد كارنيغي للسلام، تقريراً حول طريق التنمية، حيث أشار إلى  أنّ "الحكومة العراقية لم تقم بدراسة جدوى مشروع طريق التنمية بطريقة ملائمة تحدد فيها بدقة القيمة الإستراتيجية لهذا المشروع وما هي أهدافه الاقتصادية وكلفه الحقيقية".

وبسبب التحديات التي يواجهها هذا المشروع، فإنه "من الصعب على الحكومة العراقية الحصول على دعم حقيقي من الدول الإقليمية لهذا المشروع، وخصوصاً مسألة التمويل الاستثماري"، وفق كارنيغي.

صعوبات عديدة

وتتباين آراء الكثير من المختصين والخبراء حول المشروع الذي تقول الحكومة إنه يهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج العربي، حيث يتحدث المختص في العلوم الاقتصادية، خطّاب الضامن، عن ما يصفها بـ"المميزات التي يمتلكها العراق في مشروع طريق التنمية"، وهي "التضاريس المعتدلة التي تساعد على حركة النقل دون وجود حواجز طبيعية كبيرة أمام مد الطرق أو سكك الحديد".

ويقول الضامن خلال حديث لـ"جسور"، إنّ "العراق يمتاز بطبيعة أرضه التي تساعد على نجاح وسرعة إنجاز هذا المشروع واستدامته لعمره الإنتاجي"، كما أنّ "البنى التحتية الموجودة لدى العراق أيضاً تجعله متميزاً، ومنها طريق البر الدولي الرابط بين الجنوب والشمال وسوريا والأردن، ولذلك فإنّ "التوسع من هذا الطريق الدولي سهل جداً عبر شبكات جديدة ترتبط به، كما يوجد خط سكك حديد يمكن تطويرها أيضاً بمحطات جديدة".

ويرى الضامن أيضاً، أنّ "مصادر الطاقة الموجودة في العراق بأسعار معقولة يمكن من خلالها مد شاحنات النقل والقطارات خلال فترات النقل وستساعد في خفض تكاليف النقل التي تعتبر أعلى في تركيا والأردن ودول مجاورة أخرى".

ويتطرّق الضامن إلى "عامل الطاقات البشرية من الأيدي العاملة التي تتوفر بكثرة، ويمكن قيامها بدور كبير في مراحل الإنشاء أو التشغيل لطريق التنمية بمختلف محطاته ومراكزه والمنشآت التي ستبنى".

ولا ينكر الضامن وجود صعوبات عديدة تواجه تنفيذ الطريق، حيث أنه "سيؤدي إلى استهلاك للبنى التحتية العراقية من طرق وجسور ومحطات كهرباء، ويحتاج للكثير من عوامل التشغيل ولهذا يجب حسم هذه المتطلبات من الآن ومن هي الجهة التي ستتحمل تكاليفها".

ويتحدث الضامن عن "مشكلة أخرى"، حيث أنّ "الطريق سيربط الشرق والغرب عبر العراق ومساحته بحدود 1200 كيلومتر، وبهذا ستمر شاحنات من البصرة إلى تركيا ثم أوروبا، لكن خط سكك الحديد يمكن تسببه بازدحامات مرورية في الأماكن القريبة من المدن، إضافة لحوادث مرورية من قبل الشاحنات لحمولاتها الكبيرة والسرعة التي ستمشي بها، ما يتطلب وضع تخطيط مضبوط للطرق والإرشادات".

ويشير الخبير الاقتصادي إلى "أهمية وجود مستشفيات طوارئ ودوريات أمنية تنتشر على طول طريق التنمية لتأمين حصول أي طارئ ومعالجة أي حالات قد تقع"، داعياً إلى "ضرورة الاتفاق من الآن بخصوص تكاليف استهلاك البنى التحتية والخسائر والمتطلبات التشغيلية لكل محطات طريق التنمية بين الدول المتشاركة".

وبالنسبة للضامن، فإنّ "التحديات والمشاكل غالباً ما تحدث في مثل هذه المشاريع المشتركة كما هو الآن بين العراق وتركيا والإمارات وقطر ولذلك يحب توزيع التكاليف لتصبح المشاكل خفيفة".

خلافات إقليمية ودولية

ويواجه المشروع أيضاً خلافات إقليمية، خاصة بعد توقيع مذكرة رباعية بين العراق وتركيا والإمارات وقطر، وذلك خلال زيارة قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى بغداد، خلال نيسان/أبريل، إذ جرى الحديث عن "غضب كويتي" داخلي من المشروع الذي ينطلق من ميناء الفاو، وهو المحاذي لميناء مبارك الكويتي الذي تعثر إنجازه، ما اعتبر من قبل نواب كويتيين، تهديداً لـ"مصالح البلاد القومية والاقتصادية والتجارية".

وتقول البيانات الحكومية المعلنة إنّ ميزانية المشروع الاستثمارية تبلغ نحو 17 مليار دولار أميركي، منها 6.5 مليار للطريق السريع، و10.5 مليار لسكة القطار الكهربائي، كما من المفترض أن يتم إنجازه على 3 مراحل، تنتهي الأولى عام 2028 والثانية في 2033 والثالثة في 2050.

ويعتبر البروفيسور ورئيس مجلس الخبراء العراقي، ضياء عبود، طريق التنمية بمثابة "هدف أمريكي حقيقي لإخراج العراق عن طريق الحرير الذي تسعى إليه الصين، مبيناً أنّ "طريق التنمية هو قناة جافة عبر العراق وتمثل جزءاً مما مخطط له ضمن طريق الحرير بالأساس".

ويمثل العراق أقصر الطرق لمرور البضائع من جنوب وشرق آسيا إلى أوروبا، وفق عبود الذي يشير إلى أنّ "طريق التنمية يبدأ من الهند وينقسم لطريقين في السعودية، حيث يؤدي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم أوروبا، والآخر من الإمارات وميناء جبل علي وصولاً إلى ميناء الفاو الكبير".

ويقول عبود لـ"جسور"، إنّ "طريق الحرير أو مبادرة الحزام والطريق تختلف عن التنمية، حيث أنّ هدف الصين عدم مرور البضائع التي تصنعها، بل إنشاء معامل البتروكيمياويات والمنتجات النفطية بالتشارك مع العراق عبر أخذ أرض منه، ثم إرسال ما ينتج عبر تركيا إلى أوروبا، وعن طريق الفاو إلى جنوب وشرق آسيا، ما سيجعل العراق مركزاً صناعياً وممراً للبضائع وهو ما يجعل الصين لا تتكبد التكاليف الكبيرة باستيراد النفط ورسوم الجمارك وأجور التحميل ثم تصنع وتصدر".

ويرى عبود أنّ "الولايات المتحدة تضغط على الحكومات التي تشارك في طريق التنمية للابتعاد عن طريق الحرير الذي يخدم الصين بمواجهة الغرب".

وحول سؤال عن الخيار الأفضل للعراق، يعتقد عبود بأهمية أن يكون العراق "مصدراً للبضائع والنفط من البصرة عبر مضيق هرمز الذي يستحيل إغلاق الحركة فيه، لأن "إيران لن تقدم على ذلك وتخنق نفسها، كما لن يسمح العالم لأي دولة بأفعال كهذه، إضافة إلى أن العراق يمكنه تصدير النفط عبر سوريا والخط المتوقف، كما يجري مع تركيا والأردن".

الفساد قد يعيق المشروع

وخلال البحث الذي أجراه موقع "جسور" عن المشروع، فإنّ بيانات تتحدث عن أنه سيقوم بتوفير نحو 100 ألف فرصة عمل كمرحلة أولى، ومليون فرصة عمل بعد انتهائه.

ويقول الخبير الاقتصادي، صفوان قصي، إنّ "العراق يتميز بوجود الكثير من الموارد غير المستغلة مع وجود طريق سككي سريع يمر بعشر محافظات سيساعد على جذب الاستثمار المباشر لها".

وبيّن قصي في حديث لـ"جسور"، أنّ "طريق القناة الجافة سيزيد قدرة العراق على التنمية وهو واعد بشكل كبير لأن "الخدمات التي ستقدم في الأراضي العراقية ستحرك بوصلة التجارة نحو العراق".

 

ولطريق التنمية في العراق، كما يرى قصي "نقاط قوة بوجود شركاء مثل تركيا وقطر والإمارات ولاحقاً إيران والسعودية والصين والهند والأردن، حيث سيكون عبور السلع مفتوحاً للجميع لكن استكمال التصنيع والتجميع وبعض المواد الأولية في العراق التي تعبر باتجاه الاتحاد الأوروبي وتنشيط السياحة هي النافذة الكبرى لهذا الطريق لعولمة الاقتصاد وانتقاله من المغلق للمفتوح".

ورأى قصي أنّ "جميع قطاعات العراق سوف تتنافس مع بيئات دولية ستجعل من دورة الاقتصاد العراقي تنتقل من مرحلة المحلية للعالمية المفتوحة على كل دول العالم".

وبالنسبة لقصي، فإنّ أبرز الصعوبات التي تواجه تطبيق المشروع، تتمثل بـ"وجود الفساد وقدرته على إعاقة الخطط التنموية، ومع ذلك، فإنه "لا يوجد مشروع إستراتيجي متكامل بدون صعوبات".

وكان تقرير كارنيغي، تحدث أيضًا عن ما وصفها بـ"أصعب التحديات أمام العراق في الحصول على التمويل الاستثماري اللازم لهذا المشروع هو الوضع السياسي والأمني الهش الذي ينشط فيه الفساد ويؤثر على الكثير من العمل المؤسسي العراقي"، فضلاً عن "الإخفاق الأمني والسياسي، وهي "عوامل قوية ومؤثرة تعرقل إنشاء ونجاح هذا المشروع وهذا ما يجب على الحكومة العراقية تثبيته وضمان ديمومته لإقناع المستثمرين".

الرهان حول عامل الزمن

سياسياً، فإنّ الأكاديمي والمحلل السياسي، إياد العنبر، تحدث عن أن جدية المشروع تتعلّق بـ"الإرادة، كما أنّ "الحكومة عليها إدراك العامل الزمني الذي يجب خلاله تحقيق خطوات مهمة لمشروع طريق التنمية".

وفي حديث لـ"جسور"، تطرّق العنبر إلى نقطة وصفها بـ"المهمة"،  وهي "عدم تعارض الاستقطابات السياسية وتقاطعها مع مثل هكذا مشاريع وهذا لم يحصل لغاية الآن فيما يخص هذا المشروع".

ويقول العنبر إنّ "الغاية الأساسية من مشروع طريق التنمية هي احتياج لتطوير السبل التنموية العراقية الداخلية أولاً، ولكن بالنتيجة النهائية وانعكاساته هي بالتأكيد ستكون في استثمارات في بيئة عراقية عبر مشاريع كبيرة".

وإذا "نجحت الحكومة في جعل نقطة الالتقاء مع البلدان هي الاقتصاد من خلال شبكة علاقات تجارية فهذا يمثل خطوة مهمة جداً"، بحسب العنبر.

واعتبر الأكاديمي أنّ "الرهان حول طريق التنمية موقوف حول عامل الزمن وتوفر الوقت اللازم من عدمه لهذه الحكومة لتثبيت ركائز هذا المشروع الإستراتيجي، وهذا هو التحدي الأكبر والأصعب"، إذ أنّ "قضية الأموال وغيرها يمكن اقترانها بالكثير من تسهيلات القروض والشراكات مع الدول".

وبالإضافة إلى كل ما ذكر، فإنّ تقرير كارنيغي يرى أن "هناك غياب لرؤية عراقية في كيفية نجاح طريق التنمية وتنافسيته في ظل وجود خطوط دولية للنقل ومشاريع أخرى جديده في المنطقة"، وذلك لوجود "بعض الدول الإقليمية التي لديها إمكانيات متفاوتة لعرقلة ومنع تنفيذ أو استمرار عمل ونجاح مشروع الطريق، وهذا ما يجب أن تعالجه الحكومة العراقية قبل الانطلاق بعملية إنشاء المشروع".

واشنطن تكشف حجم المساعدات المنقولة لغزة عبر الرصيف العائم


ستيفاني خوري تكشف ملامح مهمتها الأممية في ليبيا


الجيش السوداني يهاجم الحركة الشعبية بعد انهيار مفاوضات جوبا الإنسانية


وزير الداخلية اللواء"حيدان" ينال درجة الزمالة من الأكاديمية العسكرية العليا