استلهماها من صدى الحكايات والذكريات وبطولات هيلينا وأثينا وصولات أفروديت وديانا

تشكيلة «قزي آند أسطا» لخريف وشتاء 2023 تُحول الأساطير إلى واقع

لندن

كان السفر إلى اليونان للغرف من ثقافته وطبيعته فكرة تداعب خيال الثنائي جورج قزي وأسعد أسطا منذ فترة طويلة. تسحرهما طبيعتها، شمسها، تاريخها وطبعاً أساطيرها التي تكتسب فيها النساء قوة وسطوة وجمالاً. لكن بقدر ما كانت الفكرة تُلح عليهما، كانت أيضاً تصيبهما ببعض القلق الذي يسكن قلوب المُبدعين عموماً. فالفكرة ليست جديدة وسبقهما إليها العديد من المصممين وبيوت الأزياء، وهما يسعيان دائماً إلى التفرد والتميز. رحلة استجمام إلى اليونان مؤخراً حركت ملكتهما الإبداعية. منظر منحوتات وتماثيل فنية في كل مكان جعلتهما يستجمعان بنات أفكارهما، والنتيجة أن كل من سيرى تشكيلة «قزي وأسطا» لخريف وشتاء 2023 سيشعر كم تُجسد الحُلم بكل غواياته. اختصر فيها المصممان كل المسافات والأزمان حين وضعا أساطير الرومان والإغريق تحت مجهر البحث ليحيكا خيوطها التاريخية والفنية بحاضر يُجسد الأنوثة في أقصى حالاتها.


تطريزات على شكل أغصان غار زينت الصدر والخصر
 

لا يُخفي المصممان أنهما مُتشبعان بأدب وتاريخ اليونان والثقافة الإغريقية وصور الأساطير كانت دائماً تُلهب خيالهما، إلا أنهما أجلا تجسيدها طويلاً. وكانت هذه الرحلة الدفعة التي كانا يحتاجانها.

فبين صدى الحكايات والذكريات وجولة بين مآثر اليونان وبطولات هيلينا وأثينا وصولات أفروديت وديانا وغيرهما من أميرات الأساطير، نسج المصممان خطوطها المنسدلة على أقمشة مترفة تزينها معادن من ذهب بسخاء وفيونكات وكشاكش وشراشيب. فكما يُردد كل من جورج وأسعد في كل مناسبة، فإن سعادتهما تكمن في بحثهما الدؤوب عن معاني الأنوثة والجمال. ومثلما حاول بجماليون، النحات في الأسطورة الإغريقية، أن يصنع نموذجاً من الرخام للمرأة المثالية من وجهة نظره، نجحا في هذه التشكيلة أن ينسجا ويصوغا للمرأة تصاميم تجعلها متسلطنة وواثقة وفي أسمى حالاتها. ولم لا؟ فالأميرات في تصوّرات الإغريق والرومان كما في المخيلة الشعبية، لسن مجرد كائنات فائقات الجمال ومُفعمات بالأنوثة، بل هن أيضاً قائدات ومؤثرات مُلهمات.


 



من سيرى تشكيلة «قزي وأسطا» لخريف وشتاء 2023 سيشعر كم تُجسد الحُلم بكل غواياته. اختصر فيها المصممان كل المسافات والأزمان حين وضعا أساطير الرومان والإغريق تحت مجهر البحث ليحيكا خيوطها التاريخية والفنية بحاضر يُجسد الأنوثة في أقصى حالاتها


فجأة، اكتسبت منحوتات من المرمر والأحجار الجيرية كانت تحاصر عيونهما في كل جولاتهما السياحية، حياة وحركة، ومنسوجات قديمة رائحة زكية، وكأن دفء الشمس أنعشها وبث فيها الروح لتنساب بألوان أثيرية وهادئة. فهذه الألوان تم اختيارها عمداً لتكون بمثابة قماش كأنفاس يرسمان عليها قطعاً تجمع الرومانسية بالمعاصرة. فهي تبدو منسدلة وخفيفة تكاد تتطاير مع نسائم الهواء، إلا أنها تخفي بين ثناياها وطياتها تفصيلاً مُحكماً ودقيقاً، وكأن من أنجزها معماري مُحترف. غابت الأحجام الكبيرة هذه المرة باستثناء مجموعة قليلة من الفساتين بتنورات مستديرة أو مُقببة، وحلت محلها أحجام تتبع تضاريس الجسد لتُبرز جمالياته، وفي الوقت ذاته تمنحه حرية حركة تستشفها في كل تصميم.


اكتسبت منحوتات من المرمر والأحجار الجيرية حياة في هذه التشكيلة

 

كان واضحاً أن الأولوية لم تكن للأحجام في هذه التشكيلة، بل للأقمشة التي يسهل لفها على الجسم. فكما يحتاج الرسام إلى ريشة والنحات إلى إزميل، استعمل أسعد وجورج الحرير والموسلين إلى جانب التول والكريب الساتان والتافتا، كأداة لصياغة هذه التصاميم كما تصوراها، وأيضاً تطويع الطيات والثنيات بما يناسب العصر. طيات أوريغامي على الظهر أو الجوانب أو حول تنورة مستديرة، إلى جانب معادن من ذهب وتطريزات على شكل غصون غار وغيرها زينت الجوانب والصدر والخصر، كانت أيضاً من المفردات التي منحت التشكيلة تأثيراً ساحراً أضفى على كل تصميم فيها ترفاً وفخامة.

ورغم أن أول ما يتبادر إلى الذهن عندما تُذكر الأساطير الرومانية والإغريقية هي تقنية الدرابيه، فإن جورج وأسعد اختارا الابتعاد عن الكليشيهات وتطوير هذه التقنية، أو بالأحرى ترجمتها بما يناسب متطلبات العصر. طريقتهما كانت أكثر هندسية ومحسوبة. كان مهما بالنسبة لهما الابتعاد عن المألوف لتأتي الصورة كما تخيلاها منحوتة ومرنة في الوقت ذاته، تمازج فيها الدرابيه بشكل خفيف جداً إلى حد لا تُلاحظه، بالتفصيل الذي كان السمة القوية. وهكذا توفرت فيها شروط الرشاقة والأناقة العصرية على حدٍ سواء لتكتمل الأسطورة.