"أثرٌ من ذيل حصان" قصائد تشبه الصدى

عمان

تتضمّن مجموعة “أثرٌ من ذيل حصان” للشاعر العراقي المقيم في الأردن عبود الجابري، قصائد بعناوين محمّلة بالدلالات تشي بمحتوى المجموعة ووجهاتها الرمزية والمجازية، على غرار “أسلاك شائكة”، “مكابدات رجل فضفاض”، “في سيرة الرجل الداكن”، “متاع الرحلة الأخيرة، فيثاغورس”، و”محاكاة سقراط”.

وفي القصيدة التي تحمل المجموعة اسمها، يختار الجابري طريقة تقطيع للقصيدة تجعلها تتقاطع مع الكتابة النثرية من حيث الشكل، ومن حيث انهماكها بسردية وصفية قصصية.

ومن الأمثلة على ذلك يقول الشاعر “في الموسيقى أثرٌ من ذيل حصانٍ أصبح وترا، في الموسيقى ندبة من وجه عازفٍ أخطأ الطريق إلى الحنين وأومأ إلى الراقصة أن تتمايل على جرح المسافر، كان المايسترو يخطّط لسفرٍ بعيد في أنين الناي، فأحضر الإبل والهوادج، ومضى بنسائه إلى الصحراء، حيث لا كهرباء ولا بشر ولا تماثيل”.

ويُجري الشاعر في القصيدة تناوبية بين أسلوب التقطيع السرديّ، ونظيره الشعري المتوزعة مقاطعه على أسطر الكتابة بما يتواءم مع موسيقى النص من جهة، ومع مشروعيته الشعرية من جهة ثانية.

ويقول الجابري “يموتُ الصّدى/ في بيوتٍ تصدعتْ جدرانُها/ ذلك يعني/ أنّ من يصرخُ/ شقيقُ الصّامت في دفاترِ الحجارة/ وأن الحناجرَ/ ليست سوى مدافنَ للصّفيح”.

ويقول الشاعر العراقي باسم فرات متحدثا عن الشاعر “تمتاز ثقافة الجابري بأنها تراثية – حداثوية، وقاعدته التراثية التي منحت شعره قوة ومتانة لغوية كانت سلبيتها آنية، وهي تأخير نتاجه أن يلحق بالآخرين ممن هم من عمره، ولكن كان المستقبل له وعليهم، أي أنه تجاوز نفسه كثيرا بينما تراجع أغلب رفاقه، هؤلاء الذين بشروا بموهبة جيدة في الثمانينات ومطلع التسعينات، راحوا يتراجعون مع تجاوزهم الثلاثين بسنوات”.

ويضيف “ليس الشاعر مَن يكتب نصوصا جيّدة وهو في بداياته، حسب الثناء والمدائح التي يتلقاها، لأن الاعتزاز بشاب في مقتبل العمر يطغى على حقيقة الثناء ويفرغه غالبا من محتواه النقدي، ولكن الحفر عميقا في التجربة الشعرية والمواصلة وبناء هرم شعريّ هو ما يستحق الثناء”.

ويتابع فرات “لم يكن القول المأثور عن ت.س. إليوت “الشاعر بعد سن الأربعين” كلاما عابرا واعتباطيّا، بل لأن نسبة كبيرة ممن يكتبون الشعر يتساقطون إبداعيّا بعد سن الثلاثين، ولا يتجاوز نفسه بعد سن الأربعين إلاّ قلة القلة منهم، وهذا ما يمنح عبود الجابري ميزة استحقاق الثناء والدعوة إلى الاحتفاء بتجربته الشعرية”.

وعلى غرار أعماله الشعرية السابقة تأتي نصوص “أثرٌ من ذيل حصان” محمّلة بهمّ ذاتي عميق، غير أنّها تحمل أصوات غالبية الناس من حيث تشابه البيئات التي يعيش فيها الفرد العربي مبحوح الصوت مختنق اليد. وإن كان الجابري يخرج من ذاته هذه المرة ليفتحها على قراءة تاريخ جمعي.

يُذكر أن المجموعة صدرت عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، وهي السابعة للجابري بعد: “فهرس الأخطاء” (2007)، “يتوكّأ على عماه” (2009)، “متحف النوم” (2013)، “فكرة اليد الواحدة” (2015)، “تلوين الأعداء” (2017) و “في البيت وما حوله” (2021).