التخوّف من الخسارة وراء مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني للانتخابات

وكالة أنباء حضرموت

يرى محللون أن التخوف من الخسارة هو الذي يقف وراء مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني للانتخابات التشريعية المقبلة، ما يرجح بقوة تأجيلها للمرة التاسعة بعد أن باءت عدة وساطات لثنيه عن موقفه بالفشل. ويأتي إعلان مقاطعة الحزب للانتخابات بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية مؤخرا عدة أحكام من بينها حل برلمان كردستان وإدخال قواعد جديدة للانتخابات المقبلة، ما اعتبره الحزب "غير دستوري".

ومن بين القواعد الجديدة التي أقرتها المحكمة العليا العراقية ولاقت رفضا من الحزب قيام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بالإشراف على الانتخابات في إقليم كردستان وتحديد الدوائر الانتخابية وتخصيص المقاعد والهيئات الإشرافية وقرار الطعون الانتخابية. ويقول الصحافي سيروان ب.ح. حسين إن "الحزب الديمقراطي الكردستاني شعر بالتهديد من أحكام المحكمة الاتحادية العليا العراقية، ولذلك رفض القرارات ووصف المحكمة بأنها تعمل ضد مصالح الإقليم”.

وتعني القواعد الجديدة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يستطيع الآن تغيير نتائج الانتخابات، كما أنه لا يستطيع التشهير بالتزوير في الانتخابات المقبلة، وذلك لأن الانتخابات السابقة أشرفت عليها المفوضية العليا للانتخابات في كردستان التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني وغريمه السياسي الاتحاد الوطني الكردستاني.

وعلى عكس الحزب الديمقراطي الكردستاني يرفض الاتحاد الوطني الكردستاني المعارض بشدة التأجيل، إذ أن الانتخابات قد تصب في صالحه أو على الأقل ترفع حصته البرلمانية.  ويلعب البرلمان دورا مهما في الإقليم. فهو يمنح الثقة للحكومة ورئيسها كما يقرّ القوانين المحلية في الإقليم الذي يملك أيضا قواته الأمنية الخاصة. ويشعر الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقلق إزاء استبعاد السلطة القضائية الكردستانية، الخاضعة لسيطرته، من البت في الطعون المتعلقة بالانتخابات.

◙ القواعد تعني أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يستطيع تغيير نتائج الانتخابات كما لا يستطيع التشهير بالتزوير في الانتخابات المقبلة

وبناء على أحكام المحكمة سينظر القضاء العراقي في الطعون المتعلقة بالانتخابات. وقال المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في بيانه إن “قرار نقل مسؤولية الفصل في الطعون الانتخابية من السلطة القضائية لحكومة إقليم كردستان إلى هيئة قضائية تابعة لمجلس القضاء الأعلى الاتحادي يمثل تجاوزاً مقلقاً للسلطة القضائية.

ولا تنتهك هذه الخطوة الحكم الذاتي للأقاليم فحسب، بل تنحرف أيضًا بشكل غير مبرر عن الممارسة المتبعة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. إن مثل هذه الإجراءات تهدد بتقويض نزاهة واستقلال القضاء، مع تعطيل الإجراءات القياسية المنصوص عليها للرقابة على الانتخابات”.

وعلى عكس الانتخابات السابقة، ولأن المفوضية العراقية تشرف على انتخابات حكومة إقليم كردستان، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني يشعر بقلق عميق لأنه من غير المؤكد ما إذا كان سيؤمن الأصوات اللازمة للفوز أم لا، وبالتالي رفض المشاركة.

ويشعر الحزب الديمقراطي الكردستاني بقلق بالغ أيضا إزاء إزالة المقاعد المخصصة للأقليات. وبحسب حكم المحكمة الاتحادية فإن برلمان كردستان يتكون من مئة عضو، رافضاً شرعية المقاعد الـ11 المخصصة للأقليات حتى اليوم. واستند هذا القرار إلى امتثال الاتحاد الوطني الكردستاني لأن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيطر على هذه المقاعد واستخدم مقاعد الأقلية لمصلحته الخاصة.

ويتجلى قلق الحزب الديمقراطي الكردستاني من إزالة المقاعد المخصصة للأقليات بشكل واضح في إعلان المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث قال إن “إلغاء مقعد الكوتا المخصص للطوائف المكونة في قانون الانتخابات البرلمانية الكردستانية يقوض حجر الزاوية في انتخابات حرة ونزيهة وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين. إن هذا الإجراء لا ينتهك المادتين 49 و125 من الدستور وقانون انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان العراقي فحسب، بل يتعارض أيضًا مع المادتين 2 و25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي صادق عليها العراق عام 1971. وتؤكد هذه الأحكام على أهمية ضمان تمثيل جميع الطوائف في الهيئات المنتخبة وإشراكهم في الشؤون العامة”.

◙ الحزب الديمقراطي الكردستاني يشعر بالقلق إزاء محدودية صلاحياته في إقليم كردستان بشكل عام، وفي منطقته بشكل خاص

ويشعر الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقلق إزاء محدودية صلاحياته في إقليم كردستان بشكل عام، وفي منطقته بشكل خاص. ورغم أن قلق الحزب الديمقراطي الكردستاني من قرارات المحكمة الاتحادية بشأن القيود على صلاحيات إقليم كردستان له ما يبرره، إلا أن القلق الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ينبع من حقيقة أنه يرغب في أن يكون الحاكم المطلق في المنطقة، وليس السيطرة على السلطة بموجب القانون.

ويتخوف الحزب الديمقراطي الكردستاني من هذه القرارات، كما يشعر بالقلق من القرارات المستقبلية التي ستتخذها المحكمة الاتحادية للحد من صلاحياته في إقليم كردستان، إذ يخشى فقدان السلطات التي يمارسها الآن خارج القانون كحزب في إقليم كردستان.

ووضع قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية بالإقليم خلال يونيو المقبل المشهد السياسي في العراق، والإقليم على وجه التحديد، أمام معضلة سياسية مركبة؛ فتباين المواقف بشأنها داخل الإقليم يسير بالتوازي مع أزمة قديمة جديدة بين بغداد وأربيل. ويرجح متابعون أن يسهم قرار الحزب هذا في إثارة أزمة سياسية حادة.

ورغم الوساطات والضغوط المحلية والدولية لثني الحزب الديمقراطي الكردستاني عن موقفه يشكك محللون في فاعليتها خاصة وأن الحزب يؤمّن مصالح أطراف دولية وازنة مثل الولايات المتحدة ويتمتع بتحالفات إقليمية مؤثرة.

وكان موقف الولايات المتحدة من إعلان المقاطعة ضعيفا وأشبه بتسجيل موقف لا إثارة ضغوط على حليفها الكردي. وعبرت الولايات المتحدة عن “قلقها” إزاء قرار الحزب ودعت إلى "المشاركة الكاملة في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل، للصحافيين في واشنطن "نتفهم أيضا المخاوف التي أثارها أكراد العراق بشأن القرارات الأخيرة التي اتخذتها المؤسسات الفيدرالية".