مقطع فيديو يصدم اللبنانيين بالاعتداء على محامية أمام المحكمة الجعفرية

وكالة أنباء حضرموت

صدم اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يظهر اعتداء على محامية بالضرب والسحل من قبل زوج موكلتها ووالده أمام المحكمة الجعفرية في الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، في حادثة تشير إلى مدى وصل العنف ضد النساء في البلاد وعدم حمايتهن في وقت تنتهك فيه حقوقهن تحت أنظار القانون.

وفي الشارع أمام المارة، تعرضت المحامية سوزي بوحمدان لاعتداء من زوج موكلتها المدعو مهدي الموسوي، وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، الاعتداء الذي تعرضت له المحامية في قارعة الطريق، فيما كان يحاول أحد الأشخاص سحب ملف بحوزتها.

وعبر ناشطون على الشبكات الاجتماعية عن استنكارهم لهذه الممارسات مع تزايد حالات العنف الأسري ضد النساء وحرمانهن من أبنائهن في بعض المحاكم الدينية، وقالت ناشطة:

ونَعَتْ ناشطة بلدها الذي تنتهك فيه كل الحقوق قائلة:

وجاء في تعليق:

وتداولت الشبكات الاجتماعية بيانا أصدره مجلس نقابة المحامين بيانا، أكد فيه تحرك نقيب المحامين في بيروت فادي مصري، “على الفور”، حيث “كلف مفوضة قصر العدل، بمتابعة الموضوع مع الجهات القضائية والأمنية المختصة”.

وأضاف البيان “على إثر الاعتداء السافر بالضرب على الزميلة سوزي بوحمدان من قِبَل شخصَين باتا معروفَين من الجميع وذلك أمام المحكمة الشرعية الجعفريّة في الشياح، صباح الخميس، وخلال ممارسة الزميلة بوحمدان لرسالتها السامية وهي مرتدية لثوب المحاماة، تحرّك نقيب المحامين في بيروت فادي مصري على الفور وكلّف مفوّضة قصر العدل مايا الزغريني بمتابعة الموضوع مع الجهات القضائيّة والأمنيّة المختصّة”.

وتابع البيان “وعليه سوف تأخذ نقابة المحامين في بيروت صفة الادعاء الشخصي إلى جانب الاستاذة بوحمدان، وقد أصدر المحامي العام الاستئنافي القاضي رامي عبدالله إشارة إحضار بحق المعتدين”.

كما شجبت جهات لبنانية الواقعة، مطالبة بمعاقبة منفذي الاعتداء، خاصة أن “الجرم الذي يقع على المحامي أثناء ممارسته مهنته مساوٍ للجرم الذي يقع على القاضي، وفقا لما جاء في المادة 76 من قانون تنظيم مهنة المحاماة”.

وفي وقت لاحق الخميس، تداول مستخدمون في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشخص يعرف نفسه بأنه مهدي الموسوي، مقرا باعتدائه، ومقدما اعتذارا للمحامية ونقيب المحامين.

وبرر الموسوي تصرفه بـ”الضغوط النفسية والاجتماعية” التي يعيشها في لبنان خلال الوقت الراهن، مما أدى لانفعاله واعتدائه على بوحمدان.

واعتبر متابعون أن اعتذار موسوي جاء بعد الضجة التي أثيرت حول الواقعة وانتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي متذرعا بالضغوط التي لا تعفي أحدا من المسؤولية.

وتعتبر الحادثة استمرارا للوضع المتردي الذي تعاني منه النساء في لبنان، حيث أعلنت منظمة “أبعاد” اللبنانية ارتفاع نسبة جرائم قتل النساء في لبنان في العام 2023 بمعدل 300 في المئة، أي بمعدل امرأتين شهريا، بحسب الأرقام التي تستند لبيانات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.

وفي بيان كشفت المنظمة أن نسبة التبليغات على الخط الساخن التابع لوزارة الداخلية بلغت 767 شكوى أي بمعدل 64 شكوى شهريا. أما “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية” فكشفت أن “عدد الشكاوى من حالات العنف الأسري المبلغ عنها على الخط الساخن لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لشهر فبراير 2024، بلغت 40 حالة عنف جسدي، 9 حالات عنف معنوي، وحالة غير ذلك”، ويتم التبليغ عن الحالات من قبل الضحية أو أفراد الأسرة أو كل من يشهد عليها، إضافة إلى تحديد هوية الجاني أو الجانية بالنسبة إلى الضحية.

ويرى مختصون أن من بين العوامل التي تعزز ارتفاع معدلات العنف، شعور النساء بالعجز وفقدان الثقة، واليأس من تحقيق نتائج في ظل الوضع العام المتردي في لبنان وسيادة ثقافة لوم الضحية. يضاف إلى ذلك الفساد المستشري في البلاد على كافة المستويات. ففي السابق، كانت النساء تبلغ عما تتعرض له في مراحل مبكرة، لكن اليوم، لا يتم التبليغ عن حالات العنف إلا بعد وصولها إلى ذروتها ومنها جرائم القتل، نتيجة عدم الإبلاغ المبكر وبالتالي عدم تلقي الدعم اللازم.

ناشطون: اعتذار الزوج بعد الضجة التي أثيرت حول الواقعة وانتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي لا يعفيه من المسؤولية

وترى رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، لورا صفير، أن عوامل عدة تساهم في زيادة معدلات العنف، منها “الثقافة المجتمعية وغياب القوانين الرادعة والحمائية للمرأة، بالإضافة إلى عدم تشديد العقوبات بشكل كاف على المعنفين، ونقص التوعية التي تمكن النساء من حماية أنفسهن وعائلاتهن وبيئتهن”.

ومن العوامل المساهمة كذلك في زيادة حالات العنف الوضع الاقتصادي المتردي، حيث تجد المرأة صعوبة في تحقيق استقلاليتها الاقتصادية، ويفاقم انتشار الأسلحة الفردية، عمليات العنف ضدها، مشكلا تهديدا مباشرا لأمنها وسلامتها.

من جانبها تقول أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الدكتورة أديبة حمدان “تظهر نتائج الأزمات المتراكمة وغياب التشريعات الرادعة، سلوك الرجل العنيف تجاه المرأة”.

وشددت حمدان في حديث مع موقع “الحرة” على أن “العنف كسلسلة متصلة ينتقل من جيل إلى آخر، بدءا من الرجل ضد المرأة، ثم من المرأة ضد أبنائها، وأخيرا من الأبناء ضد أصدقائهم، فالأولاد يتأثرون بشكل كبير بما يحدث في بيتهم ويرثون الفكر الذكوري الذي ينظر للمرأة بدونية”.

وقدم عدد من النواب في مارس الماضي مقترحا لقانون يناهض العنف ضد المرأة بالتعاون مع منظمة “كفى”، يستند في صياغته على أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي، وأبرز ما يتضمنه حماية المرأة من كل أشكال العنف، وتكليف قضاة متخصصين وإنشاء محاكم متخصصة لضمان البت السريع بالقضايا، وتشديد العقوبات وتعويض الضحايا وتأهيلهن نفسيا.

ويتطلب منع العنف ضد النساء والفتيات بحسب الأمم المتحدة “جهودا متضافرة طويلة الأمد ونهجا متعدد التخصصات يشمل زيادة الوعي بالعواقب السلبية لهذا العنف، ومعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة عن طريق تغيير الأعراف الاجتماعية التمييزية والقوالب النمطية القائمة على النوع الاجتماعي ومن خلال مشاركة المجتمع بأكمله، وتمكين النساء والفتيات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتعزيز مواردهن ومهاراتهن وتعزيز وصول الناجيات منهن إلى العدالة وإنهاء إفلات مرتكبي العنف ضدهن، من العقاب”.