مسلسلات مصرية تسقط في فخ الاعتماد على أبطالها

وكالة أنباء حضرموت

سقطت بعض الأعمال الدرامية التي عرضت في موسم رمضان الماضي في فخ الاعتماد على نجومية أبطالها على حساب العناصر الفنية، وهو أمر كان سائدا على نحو أكبر في السنوات الماضية، وأخذ في التراجع مع انجذاب الجمهور إلى أعمال تقوم على الفكرة أو القصة والإبداع في الإخراج والتصوير والتمثيل، إلا أن إصرار عدد من نجوم الدراما على أن يتم تفصيل الأعمال الدرامية على مقاسهم وضعهم أمام واقع عدم القدرة على المنافسة مع احتدامها جراء اتساع السوق العربية بوجه عام.

يمكن النظر إلى بعض المسلسلات التي كان فيها حضور النجم طاغيًا مثل “صيد العقارب” بطولة غادة عبدالرازق التي استطاعت تحقيق نجاحات مهمة في الدراما قبل أن تغيب عن عدة مواسم شهدت فيها دراما رمضان تغيرات بفعل تأثيرات سوق المنصات الرقمية التي جذبت أجيالا صاعدة وتأثر بها صناع الدراما المصرية، وهؤلاء فطنوا لأهمية تكامل عناصر العمل دون الاعتماد على نجومية البطل.

كما أن القدرات الفنية للفنانة غادة عبدالرازق وباقي أبطال العمل بينهم الفنان رياض الخولي والفنان المخضرم أحمد ماهر ساهمت في إنقاذ المسلسل، غير أن تكرار الفكرة التي تقوم على مشكلات الثأر بين العائلات الكبيرة، والمكررة بشكل فج في الدراما، كما أن الاستسهال الذي بدا في تنفيذ بعض مشاهد العمل ساهم تراجعه، خاصة أن الجمهور تشبع من هذه الثيمة التي كانت سائدة في مسلسل “جعفر العمدة” بطولة محمد رمضان عام 2023.

وتدور الأحداث حول الصراع بين عائلتي ضرغام والغول اللتين تجمعها منذ سنوات طويلة علاقة صداقة وقرب، حتى يقتل أحد أفراد العائلة الأولى على يد أحد أبناء العائلة الثانية، وينجح كبير العائلة في إفلات ابنه من العقاب، عن طريق تزوير شهادة أحد الشهود، فتنقلب أحوال العائلتين رأساً على عقب ويحدث الطلاق بين الأبناء، ويولد بينهما صراع وانتقام تقودهما “عايدة ضرغام” التي تجسد دورها الفنانة غادة عبدالرازق.

شارك في بطولة العمل أيضَا الفنانة سيمون ومحمد علاء ومحمد نجاتي ومي القاضي ومحمد على رزق ومنال سلامة وعايدة فهمي ومجدي بدر وسامية عاطف وميار الغيطى وصفاء جلال، وهو من تأليف باهر دويدار، وإخراج أحمد حسن.

وسقط الفنان المصري أمير كرارة في فخ العزوف الجماهيري وعدم القدرة على المنافسة عبر مسلسله “بيت الرفاعي” الذي يدور حول توريث السلطة من والده كبير العائلة الذي يعمل في تجارة الآثار إلى كبير جديد، ويقع اختياره على ابن أخيه الذي يساعده في عمله الإجرامي ليتجاوز ابنه بطل العمل أمير كرارة وهو يعمل طبيبا بشريا يدعى ياسين إلى جانب أخيه الضابط.

ويدور المسلسل في فلك الثأر بعد أن يقتل كبير العائلة أثناء جدله مع ابنه الدكتور ياسين، ويرث ابن الأخ السلطة والأموال والعقارات بعد أن باعه إياها العم قبل قتله بيوم واحد ويطرد زوجة عمه وأولادها، ويطارد الابن الأكبر لعمه لاعتقاد أنه القاتل.

قال الناقد الفني مصطفى الكيلاني إن مشكلة تلك الأعمال أنها لم تحقق عوامل إيجابية على مستويات التمثيل والإخراج والتأليف، فغادة عبدالرازق مثلا حاولت إنقاذ مسلسل “صيد العقارب” مع تطورها في الأداء التمثيلي واستعانتها بنجوم كان يمكن أن يساهموا في رفع مستوى المسلسل.

وأشار لـ”العرب” إلى أن قدرة النجوم على إنقاذ مسلسلات والارتقاء بها لم تعد حاضرة، والأمر يرتبط بثقافة النجم ذاته فهناك أسماء لا تستطيع أن تنقذ نفسها من سوء اختياراتها وعدم متابعتها للتطورات الجارية في سوق الدراما، ويعد ذلك جزء من الثقافة البصرية التي تغيب عن بعض الفنانين.

وأوضح أن الشباب هم من ربحوا الرهان في موسم رمضان المنقضي على مستويات التمثيل والإخراج والتأليف، وإتاحة الفرصة لظهور أسماء مثل إسلام خيري مخرج مسلسل “جودر” وهاني خليفة مخرج مسلسل “بدون سابق إنذار” وغيرهما ممن برزوا على الساحة الفنية، وأن الأفكار الجيدة هي التي استطاعت الوصول إلى الجماهير، فيما ظل من يعتقدون أن نجوميتهم ستقود الأعمال إلى النجاح في مراتب متأخرة.

ولفت الكيلاني في حديثه لـ”العرب” إلى أن اعتقاد عدد من النجوم بأن “الفهلوة” أو الاستسهال في صناعة المسلسلات يمكن أن يحقق نجاحا ساهم في تراجعهم، خاصة أن ما يميز المسلسلات المعروضة أخيراً أنها جرى تجهيزها دون استعجال على عكس كثير من المسلسلات في السنوات الماضية، وأن المسلسلات الناجحة مثل “صلة رحم” و”كامل العدد” و”جودر” و”حق عرب” و”بابا جه” و”أشغال شقة” جرى الانتهاء من كتابتها قبل تصويرها وشهدت مراجعات أثناء التنفيذ، ما ساهم في نجاحها.

ينظر البعض من النقاد إلى مسلسل “صدفة” بطولة ريهام حجاج من بين الأعمال التي لم تحقق نجاحًا بسبب اعتمادها على بطلة العمل التي اختارت هذا العام أن تبحث عن دراما الكوميديا الاجتماعية، غير أنها لم تقنع الجمهور وكان أحيانا مثارا للسخرية، وبدت ريهام حجاج مشكلة في حد ذاتها،على الرغم من فكرة المسلسل الجيدة

يرصد المسلسل المشكلات التي تقع بين معلمين ينتمون إلى طبقات متوسطة ويعملون في مدارس دولية بها طلاب أثرياء ويصطدم المعلمون بمشكلات لا تتماشى مع ثقافتهم وقد يجدون أنفسهم في مواجهة أولياء أمور الطلاب من أصحاب المال والسلطة.

تدور قصة المسلسل حول مجموعة من المراهقين والصغار داخل مدرسة دولية يعملون على إثارة المشكلات وتواجههم تحديات وأزمات تقلب حياة الجميع رأسا على عقب، حتى تقرر مدرسة مادة التاريخ التي تجسد دورها ريهام حجاج التدخل بطريقتها العفوية وحل المشكلات ليضعها القدر أمام أحد كبار رجال الأعمال ويدعى فؤاد مهران ويجسد دوره خالد الصاوي.

تعاني ريهام حجاج من مشكلة عدم اقتناع الجمهور بأدوارها في البطولة المطلقة ورغم أن أعمالها السابقة لم تحقق النجاح الكبير مثل “جميلة” المعروض في موسم رمضان 2023، و”يوتيرن” في الموسم الذي سبقه إلا أنها تصر على لعب أدوار البطولة المطلقة وبات لدى الجمهور قناعة بأن الأمر يرتبط بزوجها المنتج محمد حلاوة الذي يقدم لها أعمالها وبالتالي تتشكل صورة مسبقة عن الفنانة والعمل قبل بدء عرضه.

إصرار عدد من النجوم على تفصيل الأعمال الدرامية على مقاسهم وضعهم أمام واقع عدم القدرة على المنافسة

وأوضح الناقد الفني محمد رفعت أن الممثل مهما كان اسمه ونجوميته لن يستطيع أن يسهم في نجاح عمل درامي يواجه ثقوبا وثغرات في الإخراج والكتابة والإنتاج والتصوير والترويج، كذلك قد يكون بعض النجوم سببًا في تراجع عمل بعينه، وإن كان العمل به فكرة جيدة أو مكتوب بشكل جيد لأن مسألة القبول لدى الجمهور وافتقاد الكاريزما تترك أثرها.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن هناك مسلسلات لم تحقق نجاحا مع الاعتماد على نجومها فحسب، مثل “سر إلهي” بطولة روجينا، و”عتبات البهجة” بطولة الفنان القدير يحيى الفخراني، وهي مسلسلات لم يكن إيقاعها سريع وشعر الجمهور بنوع من الممل تجاهها، لافتًا إلى أن الفنان أمير كرارة دفع هذا العام ثمن النص المهلهل الذي عاني من مشكلات المط والتطويل، وكان يمكن عرض المسلسل في ثماني حلقات فقط، والوضع ذاته بالنسبة للفنان أحمد مكي الذي فشل في تحقيق نجاح يذكر خلال الموسم الثامن من “الكبير أوي” وطالبه الجمهور بالتوقف.

وشدد على أن الأسماء اللامعة في سماء الفن المصري مثل عادل إمام ومحمود عبدالعزيز اللذين لم يتمكنا من تحقيق نجاحات مهمة حينما قررا الاعتماد على اسميْهما دون الاهتمام بباقي عناصر العمل، فعادل إمام لم يشفع له وجود اسمه على فيلم “بوبوس”، كذلك مسلسله الأخير “فلانتينو” في تحقيق النجاح، والوضع ذاته بالنسبة إلى محمود عبدالعزيز الذي لم يقدم أفلاما ناجحة بقدر نجاح فيلم “الكيت كات” وتراجع حضوره في أفلام “النمس” و”الجنتل”.