فرنسا في مرحلة تقدير نتائج اعترافها بالصحراء المغربية

وكالة أنباء حضرموت

كشف دبلوماسي فرنسي سابق، بأن قصر الإيليزي يخطط لاعتراف فرنسي رسمي بالسيادة المغربية على الصحراء، مبرزا أن مستقبل العلاقات بين الرباط وباريس متوقف على هذا الأمر، بعد التحسن الذي شهدته مؤخرا، مع أن باريس الآن مخيرة بين الدخول في صدام مع الجزائريين في حال اعترافها بمغربية الصحراء، أو تعويض الجزائر عن هذا التقارب مع الرباط من خلال امتيازات جديدة.

وأكد السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور، أن الاعتراف بمغربية الصحراء هو الموقف الدبلوماسي المستقبلي لبلاده. وأضاف خلال حديثه لصحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، أن "باريس عدلت مؤخرا من سياستها باتجاه تقارب أكبر مع المغرب وهو ما تعكسه زيارة ثلاثة وزراء إلى الرباط في ظرف قصير".

وقال الدبلوماسي الفرنسي، إننا “نقترب من المغرب لكن ماذا سيحدث على الجانب الجزائري؟ من وجهة نظري هناك احتمالان: إما أن نختلف مرة أخرى مع الجزائريين، خاصة إذا اعترفنا بمغربية الصحراء، والتي تبدو لي جزءا من الحقائق ومستقبل موقفنا الدبلوماسي. أو للتعويض عن هذا التقارب مع الرباط، سنضطر إلى تقديم تعهدات إضافية للجزائر".

وتابع دريانكور أنه على الرئيس ماكرون التوجه إلى المغرب في زيارة دولة، ستكون هي الأولى من نوعها، لأن الزيارة التي قام بها بعد انتخابه لأول مرة في يونيو من سنة 2017 كانت زيارة عمل ورحلة ذات طابع ودي، مبرزا أنه أصبح يعي حاليا أهمية المغرب بالنسبة لفرنسا، مبرزا أن باريس لديها مصالح أكبر مع المملكة مقارنة بالجزائر، خصوصا على المستوى الاقتصادي.

وأكد مراقبون أن تصريحات الدبلوماسي الفرنسي تعكس التيار الذي دفع في اتجاه عدم معاداة المغرب أو استهداف مصالحه، وتؤشر على مواصلة التقارب بين المغرب وفرنسا، بعد أزمة دبلوماسية امتدت منذ سنة 2021 على الأقل، حيث شرع البلدان مؤخرا في تبادل الزيارات على مستوى الوزراء، في حين تحدثت وسائل إعلام فرنسية عن زيارة مرتقبة لإيمانويل ماكرون إلى الرباط من أجل اللقاء بالعاهل المغربي الملك محمد السادس قبل الصيف المقبل.

واعتبر محمد الطيار، الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، أن “رئاسة فرنسا تقوم بتقديراتها السياسية والاقتصادية بناء على تحذير هذا السفير وطيف واسع من المنتمين إلى هياكل الدولة على كافة المستويات، من واقع تراجع فرنسا دوليا على عدة مستويات سواء تعلق الأمر بتقلص نفوذها دوليا وأفريقيا، أو تراجعها على المستوى الاقتصادي، وأيضا تحذير أصحاب القرار من مغبة المواقف والقرارات السياسية التي تتماهى مع سياسة النظام الجزائري".

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “كلام الدبلوماسي الفرنسي، يأتي ترجمة لما يتم تداوله على مستوى عالي داخل هياكل الدولة الفرنسية بخصوص موازنة تأثير اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه، والذي يأتي منسجما مع عمق معرفته بالصورة الحقيقية للنظام الجزائري".

وتابع محمد الطيار، “ما صرح به السفير الفرنسي السابق بالجزائر يؤشر على أن فرنسا أصبحت تعي جيدا الواقع الجيوسياسي الجديد والموقع الذي يحتله المغرب إقليميا، لكنها تحاول قبل ذلك الحصول على امتيازات اقتصادية من المغرب خدمة لاقتصادها وشركاتها التي فقدت موقع التنافسية"، لافتا أنه "من الضروري لباريس أن ترتب أوراقها ضمن خيار شراكة إستراتيجية مع المغرب الذي يملك أوراقا عديدة داخل أفريقيا، وبالتالي عليها أن تجد لها مخرجا يمكنها من المحافظة على مصالحها بالجزائر وفي نفس الوقت تخرج من المنطقة الرمادية في ملف الصحراء وعلاقتها مع المغرب".

وسعيا لاستعادة فرنسا ثقة المغرب وحرصها على تطوير علاقاتهما الثنائية، تباحث رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الخميس في الرباط، مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي، برونو لومير، الذي يقوم بزيارة عمل إلى المملكة تعبيرا عن إرادة البلدين بقيادة الملك محمد السادس وإيمانويل ماكرون المضي قدما في الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد، وإعطاء العلاقات الثنائية نفسا جديدا لتُواكب التطورات على كافة الأصعدة، في إطار من التنسيق الوثيق.

وبداية أبريل الجاري، عبرت باريس عن استعدادها لدعم جهود الاستثمار بالصحراء المغربية، خاصة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة ويمكن لشركة “بروباركو”، التابعة لوكالة التنمية الفرنسية  مخصصة للقطاع الخاص، أن تساهم في تمويل خط الجهد العالي بين الداخلة والدار البيضاء".

وعلى المستوى الأمني، تعول فرنسا على أجهزة الاستخبارات المغربية، حيث أورد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الذي قام بزيارة إلى المغرب يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية إثر لقائه بنظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، إنه “بدون دوائر الاستخبارات المغربية قد تكون فرنسا معرضة أكثر للإرهاب”، مبرزا أن هذه التهديدات تظهر أكثر “في أفق الألعاب الأولمبية التي ستحتضنها باريس".

وأوضح السفير الفرنسي السابق في الجزائر، أن هذه الأخيرة اختارت الشراكة مع بلدان أخرى، مثل الصين وتركيا وألمانيا على حساب فرنسا، وباريس ترغب الآن في إصلاح العلاقات مع “شريك يلعب دورا مهما في أفريقيا”، مضيفا أن رئيس الجمهورية خلص إلى أن جهوده تجاه الجزائر لم تسفر عن نتائج كبيرة.

ونبه دريانكور إلى الاختلاف الحاصل في منظور كل من المغاربة والجزائريين تجاه فرنسا، ففي الجزائر "هناك استياء تاريخي "يفسره بأن بلاده كانت تحتل الأراضي الجزائرية وتعتبرها جزءا من الجمهوية، في حين ما كان يربطها بالمغرب هو وثيقة الحماية، في ظل وجود سلطان للبلاد على الدوام، لذا فإن “الأمر مختلف تماما”.