الأميركيون يغادرون النيجر وتشاد، فهل تكون ليبيا وجهتهم

وكالة أنباء حضرموت

سيغادر 75 عسكريا أميركيا العاصمة التشادية نجامينا. وهي الضربة الكبرى الثانية خلال أسبوع للنفوذ الأميركي في غرب أفريقيا ووسطها، حيث سبق لواشنطن أن أعلنت سحب قواتها من النيجر.

وفيما تطرح أسئلة حول الوجهة القادمة للقوات الأميركية، يجري الحديث عن انتقالهم إلى الغرب الليبي.

وفي مارس الماضي، أنهت النيجر اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة، تم بموجبها إنشاء قاعدة أميركية للطائرات دون طيار في شمال الدولة الأفريقية، وقالت سلطات نيامي إن الاتفاق فُرِض على البلاد ولا يلبّي مصالح الشعب، وبحلول نهاية عام 2023، كان هناك حوالي 1100 عسكري أميركي في النيجر، معظمهم في قاعدة جوية بالقرب من مدينة أغاديز الإستراتيجية.

◄ الملحق العسكري الأميركي زار عددا من القواعد والمعسكرات في مناطق الساحل الغربي الليبي ومنها مصراتة والخمس

وأكد مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة ستبدأ خططا لسحب قواتها من النيجر، لكن لا يوجد جدول زمني للانسحاب.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن بلاده أرسلت وفدا إلى النيجر لبدء محادثات مباشرة مع المسؤولين في نيامي بشأن سحب أكثر من ألف جندي أميركي من النيجر، وأن “مسؤولين آخرين في البنتاغون سيعقدون اجتماعات متتابعة في نيامي الأسبوع المقبل”.

كما سيزور نائب وزير الخارجية كيرت كامبل النيجر في الأشهر المقبلة لمناقشة “التعاون المستمر في المجالات ذات الاهتمام المشترك”، لافتا إلى أنه منذ أن بدأت المناقشات العام الماضي مع المجلس العسكري “لم نتمكن من التوصل إلى تفاهم بطريقة تعالج مخاوف كل جانب، لكننا نرحب باهتمام السلطات بالحفاظ على علاقة ثنائية قوية مع الولايات المتحدة”.

وبررت نيامي قرار إلغاء اتفاقها العسكري مع واشنطن بالموقف المتعالي الذي اتخذه المسؤولون الأميركيون، فضلا عن التأكيد على حق النيجر السيادي في تحديد شركائها، وهي شعارات بدأت ترتفع بقوة في عدد من الدول الأفريقية التي تشهد تحولات مهمة.

وبعد أسبوعين فقط من الإعلان عن انتهاء العلاقات الأمنية مع واشنطن، استضافت نيامي وفدا من المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط الصيني، والذين يسعون إلى توسيع عمليات التعدين هناك؛ وتحدث رئيس المجلس الانتقالي الجنرال عبدالرحمن تياني مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تعزيز العلاقات الأمنية، واستقبل السفير الإيراني لوضع اللمسات الأخيرة على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع طهران، التي يقال إنها تتطلع إلى استثمارات في قطاع اليورانيوم في البلاد.

وكشفت قناة “تلفزيون الساحل” الرسمية، عن قيام روسيا بنشر منظومة للدفاع الجوي لمساعدة النيجر في مراقبة مجالها الجوي، وقالت إن عسكريين روسا ومعدات حربية روسية وصلت إلى نيامي لتفعيل اتفاق تدريب مشترك بين النيجر وروسيا.

وترجح أوساط مطلعة أن تتجه الولايات المتحدة إلى ايجاد موقع بديل تمارس فيه نشاطها العسكري بعد خروج جنودها من النيجر وتشاد، دون أن تستبعد أن يكون ذلك الموقع داخل الأراضي الليبية التي تشهد مواجهة صامتة إلى حد الآن بين الأميركيين والروس.

وقبل أسبوع، حمّلت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي حكومة الوحدة مسؤولية أيّ تواجد لقوات أجنبية فوق أراضيها، واستنكرت قرار تخصيص قطعة أرض لصالح قوات “أفريكوم”، والذي كان قد وقّع عليه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة باعتباره يأتي في إطار “التعاون لمكافحة الإرهاب”، كما ينص على انتهاء هذا التخصيص بـ”انتهاء العمليات”.

ولفتت اللجنة إلى أن قوات “أفريكوم”، أعلنت بشكل رسمي انتهاء العمليات العسكرية في سرت خلال عملية “البنيان المرصوص” في عام 2016، ومنذ ذلك الوقت “لم يسجل تواجد أيّ بؤر إرهابية”.

ورفضت اللجنة البرلمانية قرار الدبيبة تخصيص قطعة أرض من الكلية الجوية في مصراتة لصالح قوات “أفريكوم”، واصفةً القرار بأنه “غير مبرر”.

وقالت “من المعروف أنه لا يوجد أثر للإرهاب الآن بتواجد القوات المسلحة التي تمكنت من تحرير الوطن من قبضتهم”. كما دعت اللجنة إلى وقف ما وصفته “العبث بالبلاد”، وحمّلت حكومة الوحدة “منتهية الولاية” مسؤولية أيّ تواجد أجنبي على أرض البلاد، وأضافت أن استمرار حكومة الدبيبة في قرارها يعتبر بمثابة “صك لبيع الوطن لقوات أجنبية”.

◄ نيامي بررت قرار إلغاء اتفاقها العسكري مع واشنطن بالموقف المتعالي الذي اتخذه المسؤولون الأميركيون

ولاحظ متابعون للشأن الليبي قيام الملحق العسكري الأميركي مؤخرا بزيارات إلى عدد من القواعد والمعسكرات والوحدات التابعة لرئاسة أركان حكومة الوحدة في مناطق الساحل الغربي الليبي ومنها مصراتة والخمس، بينما تم الحديث عن هبوط طائرات عسكرية أميركية في قاعدة «الوطية» الواقعة بالقرب من الحدود المشتركة مع تونس والتي تخضع لنفوذ القوات التركية منذ العام 2020.

وأبدت الولايات المتحدة استعدادها لتقديم الدعم الكامل للجيش الليبي في مجالات التدريب والتأهيل، بما يساهم في تعزيز قدراته على حفظ الأمن والاستقرار في ليبيا. كما أكدت على أهمية مشاركة الجيش الليبي في مناورات الأسد الأفريقي، باعتبارها فرصة مهمة لتبادل الخبرات والتدريب على أحدث الأساليب العسكرية.

ولا تستبعد أوساط ليبية وإقليمية أن يتم نقل القوات الأميركية الموجودة حاليا في النيجر وتشاد إلى غرب ليبيا في سياق خطة جديدة تتبناها واشنطن لتكريس نفوذها في البلد الغني الواقع في شمال أفريقيا والذي كان على الدوام يمثل تحديا أمام الولايات المتحدة منذ أن خاضت فيه أول معركة خارج أراضيها في مفتتح القرن التاسع عشر.