صالح أبو عوذل

"خلود" وزوجها الأول وكلب الحارة

وكالة أنباء حضرموت

خلود امرأة  ثلاثينية، سمراء اللون ببنية جسمانية ضخمة وقامة قصيرة شديدة، كانت نساء الحارة يخشين من خلود، وكانت دائماً ما ترفع صوتها على أهل الحارة، تشتم هذا وتسب هذا وتقذف هذا، وكل أهل الحارة عبارة عن صعاليك وجبناء وانذال، وكل الالفاظ القبيحة، ولا أحد يستطيع يرد عليها.
ذات يوم خرجت دكان الحارة تشتري "بسكويت أبوولد"، وفجأة خرج عليها كلب أسود، كانت يرقد تحت سيارة خربانة وقفز فوقها، وعضها في فخـ(...)ــا، طلبت استغاثة من اهل الحارة الذين كانوا ينظرون إليها والكلب ينهشها، وهم فرحون.
شافها عوض وهو اربعيني، من الحارة المجاورة وأسرع الى ركل الكلب بعيدا عنها واخذها يجري بها إلى المستشفى، اما سكان الحارة فقد أكرموا الكلب بشتى المأكولات، فقد انتقم لهم، اما عوض فقد كان في المستشفى يعالج خلود.
وكما يقال "الحب من أول عضة"، فقد عض قلب عوض قلب خلود، وتزوجها، وهنا شعر اهل الحارة بانتصار جديد، فقد رحلت خلود بشرها، والفضل الى الكلب الذي تحول الى حارس أمين للحارة، وينتظر بترقب زيارة خلود، لتكرار فعلته السابقة حتى يكسب ثقة أهل الحارة ويحصل على المزيد من المأكولات الشهية من الدجاج وسمك الباغة.
في الحارة المجاورة عادت خلود الى عادتها القديمة في شتم اهل الحارة، فغضب الناس، وراحوا لزوجها، وهو مخزن في الركن، يشتكون من زوجته.
اخذ كيس القات والترمس المعبئة بالثلج، وعلى البيت، دخل حصل خلود، وقد انتهت من ساعة شتيمة وعادت لتسريح على الكنبة، باشرها عوض بالترمس على رأسها حتى تطايرت قطع الثلج.
جن جنونها وحاولت المقاومة، الا ان عوض وجه لها ركة أخرى اشبه بركلته للكلب، وكأنه يعتذر لكلب على فعلته.
اخذت خلود ثيابها وغادرت وهي منكسرة حزينة مجروحة وجريحة، وحين مرت بجوار الكلب، نظرت اليه نظر حزن وضعف وهوان.
ابتسم الكلب ابتسامة المنتصر وتركها تمر دون ان يعرها أي اهتمام، ولسان حاله يقول "هذا حالة من يتطاول على أهل حارته".
بدأت خلود في اصلاح علاقتها بأهل حارتها وتمتدحهم وتعتذر لهم على تصرفاتها، وحين شعر ناصر "خمسيني"، ان خلود أصبحت امرأة صالحة، قرر ان يتزوجها وفعلا تزوجها، ولكنها ظلت تحكي للنساء عن شهامة زوجها الأول وانه رجل شجاع قوي، وأنها رغم انه كسر رأسها بقطعة ثلج كبيرة، الا ان ما في مثله ابداً.
وكل ما حصلت في الحارة مشكلة، تذكرت خلود زوجها الأول، لو "كان هله فاته حل كل مشاكل الحارة".
طفح الكيل بناصر وهددتها اذا ما تكف عن ذكر عوض با يطلقها، لأن الناس بدأت تتكلم عليه، وبان خلود تحن للزوج الأول، رمى لها ناصر ورقة الطلاق وتخلص منها.
وعادت خلود الى شرفة منزل والدها مرة أخرى تارة تمدح عوض وتذم ناصر، وأخرى تعمل العكس، تشتم عوض وتمدح ناصر، وثالثة تقول لسكان الحارة "لو رجع لي عوض بتزوجه وبترك لكم الحارة بمن فيها"، وظلت على هذا الحال، تحن لزوجها الأول، وأحيانا تقول ليت قدرت ناصر وصبرت على الحالي والمر معه.
اما الكلب فقد نسي خلود لأنه لم يعد يهتم باي شيء فخلود لم تعد تخيف أحد، بل وأصبحت محل سخرية، وكل ما تقوله في أهل الحارة يردوا عليها "البركة في الكلب وعوض".
جرت السنوات بخلود جري الكلب، وابيض شعرها وهي لا من عوض ولا من ناصر، اما نساء الحارة، فهن أكثر سعادة لأن صاحبة اللسان الطويل، أصبحت محل سخرية، حاولت مدح اهل الحارة كثيراً، لكن دون جدوى، شتمتهم وسبت اعراضهم وشككت فيهم، كانت ضحكات السخرية تتعالى، في حين كان الكلب يفكر في خلود ويحن قلبه عليها وأصبح يشعر بالغضب تجاه سكان الحارة، على إثر سخريتهم من خلود، فأنفض الجميع عن خلود، التي بقت وحدها الا من قليل "شفقة" للكلب الذي كان صاحب العضة الأولى في محاولة اصلاح خلود، ولكن دون جدوى.
- تنويه جزء كبير من النص مفقود.
#صالح_أبوعوذل

مقالات الكاتب