الصراع الفلسطيني الاسرائيلي..

تحليل: التطبيع السعودي الإسرائيلي قد يجمد الهجمات العسكرية الوشيكة على رفح

وفق تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" تسعى إدارة بايدن جاهدة من أجل الحفاظ على زخم ملف "تطبيع" العلاقات السعودية الإسرائيلية، مقابل الدفع نحو خطوات إسرائيلية للتهدئة في غزة.

وكالة انباء حضرموت

 “لا نصر كامل” في الحروب، هذه الرسالة التي تحاول إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إيصالها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، منذ فترة طويلة، في محاولة لإيجاد حل للصراع في غزة.

ووفق تحليل نشرته صحيفة “هآرتس” تسعى إدارة بايدن جاهدة من أجل الحفاظ على زخم ملف “تطبيع” العلاقات السعودية الإسرائيلية، مقابل الدفع نحو خطوات إسرائيلية للتهدئة في غزة.

ويشير التحليل إلى أن “التطبيع” قد يجمد الهجمات العسكرية الإسرائيلية الوشيكة على رفح حيث يتكدس مئات الآلاف من الفلسطينيين، لكنه لن يحل مشاكل غزة.

وتجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الحالية 35 ألفا حتى الآن، بحسب مسؤولي الصحة في غزة الذين لا تفرق أرقامهم بين المدنيين ومسلحي حماس.

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة في أعقاب هجوم مباغت شنه مسلحون من حماس، في السابع من أكتوبر، هاجموا خلاله مستوطنات إسرائيلية ومعسكرات حول القطاع مما تسبب في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.

ويشرح التحليل أن الولايات المتحدة تعلمت درس عدم القدرة للوصول إلى “نصر كامل” في أي حرب، من تجربتهم في العراق، ولهذا تسعى واشنطن لحث إسرائيل على عدم “تكرار الأخطاء” ذاتها التي ارتُكبت في العراق.

تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، بعدم التراجع عن أهداف الحرب في غزة، تعيد الصدى لما قاله الرئيس الأميركي السابق، جورج دبليو بوش الابن، قبل نحو 20 عاما.

بوش كان قد قال في خطاب ألقاه، في عام 2005، إن الولايات المتحدة “لن تستسلم، ولن تقبل أبدا أي شيء أقل من النصر الكامل”، في إشارة إلى هدف وجود القوات الأميركية في العراق حينها.

وأضاف أن “سحب قواتنا قبل أن يتحقق الهدف ليس خطة لتحقيق النصر”.

ولكن مع ذلك، استغرق واشنطن نحو ست سنوات وآلاف القتلى حتى سحبت الولايات المتحدة قواتها من العراق في عام 2011، وعادت بعد ذلك ببضعة سنوات لمحاربة داعش.

مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، سيزور إسرائيل والسعودية مطلع الأسبوع المقبل بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، في محاولة لتحديد إطار عمل لليوم التالي للحرب في غزة.

ويرجح أن يتضمن إطار العمل خطة لوقف الهجوم الوشيك على رفح، وبحث استعداد السعودية للمشاركة في إطار سياسي يضم “خطوات أولية” للتطبيع مع إسرائيل مقابل وقف هجمات رفح، بحسب الصحيفة.

ولكن المطالب السعودية للتطبيع تتضمن المضي بمسار “حل الدولتين”، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين مقابل التطبيع.

ولطالما عارض نتانياهو إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر ترى واشنطن أنه الحل الوحيد على المدى الطويل.

ويتساءل التحليل عما إذا كان سولفيان يسعى نحو تأمين “صفقة التطبيع” والتحقق من مدى استعداد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للمشاركة في تشكيل إطار عمل سياسي يمكن من خلاله للسعوديين أن يمضوا بخطوات أولية باتجاه التطبيع مع إسرائيل، مقابل أن توقف الأخيرة عمليتها في رفح، والبدء في دراسة تشكيل حكومة فلسطينية في غزة من دون حماس.

ولم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات إبراهيم، المبرمة عام 2020 بواسطة أميركية والتي طبّعت بموجبها جارتا المملكة الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل. وحذا المغرب والسودان بعد ذلك حذو الدولتين الخليجيتين.

وأواخر أبريل، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة أصبحت شبه مستعدة لتقديم ضمانات أمنية للسعودية إذا طبعت علاقاتها مع إسرائيل، فيما بدا وأنه تقديم حوافز لإسرائيل لقبول فكرة إقامة دولة فلسطينية.

وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الذي التقى بلينكن في الرياض حينها: “إننا قريبون جدا” من اكتمال الاتفاقات الأميركية السعودية، مضيفا “لقد تم بالفعل إنجاز معظم العمل”.

لكنه شدد على أن الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية هو “المسار الوحيد الذي سينجح”.

ونقلت هآرتس عن مصادر أن “إسرائيل وعدت سوليفان بتأجيل هجمات رفح إلى ما بعد زيارته”، فيما قال نتانياهو إن أي مناقشات بشأن “اليوم التالي” للحرب في غزة، في ظل بقاء حماس “مجرد كلام فارغ”.

من جهته، قال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، ديفيد بتريوس، إن “العائق الوحيد الكبير” أمام تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مضيفا أن هذا الأمر “بعيد المنال” في الوقت الحالي.

واعترف بتريوس، الذي يشغل الآن منصب رئيس معهد KKR العالمي لدعم الاستثمارت الخاصة، في حديثه لقناة “سي أن بي سي” أن “الولايات المتحدة حاولت مرارا وتكرارا الخروج من الشرق الأوسط، كما رأينا في جهودها للانسحاب من أفغانستان.” لكن ذلك لم يحدث.

وقال: “هذه المنطقة مهمة للغاية بالنسبة للعالم وللاقتصاد العالمي”.

وأضاف: “عندما يحدث شيء سيئ في الشرق الأوسط، فإنه يميل إلى إثارة العنف والتطرف وعدم الاستقرار، وفي بعض الحالات، تسونامي من اللاجئين، ليس فقط إلى البلدان المجاورة في المنطقة، لكن أيضا إلى الدول الأكثر أهمية بالنسبة لنا وهم حلفاء الناتو”.

ويحث بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، على عدم اجتياح رفح دون ضمانات للمدنيين وأوقف، الأسبوع الماضي، شحنة قنابل كبيرة إلى إسرائيل.

وأمرت إسرائيل المدنيين بإخلاء أجزاء من رفح، وتقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في غزة أن زهاء 450 ألف شخص فروا من رفح منذ السادس من مايو. ويلوذ بالمدينة أكثر من مليون مدني.

وينتقل الناس لأراض خاوية، بما في ذلك منطقة المواصي وهي شريط محاذ للساحل تصفها إسرائيل بأنها منطقة إنسانية. وحذرت وكالات الإغاثة من أن المنطقة تفتقر للمنشآت الصحية وغيرها من المرافق اللازمة لاستيعاب تدفق النازحين.

وتقول الأمم المتحدة إن الحرب دفعت الكثير من سكان غزة إلى شفا المجاعة ودمرت المنشآت الطبية بالقطاع، إذ تعاني المستشفيات التي لا تزال تعمل من نقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء وغير ذلك من الإمدادات الأساسية.