بسبب انتقاده "المثلية".. شركة عالمية تفسخ تعاقدها مع حبيب الملا وسط تضامن واسع

المحامي الإماراتي حبيب الملا

حفظ الصورة
دبي

دعم كبير ومساندة نالها المحامي الإماراتي البارز حبيب الملا، في صفوف نشطاء "السوشيال ميديا" والنخب بمنطقة الخليج العربي، بعد اتخاذ شركة المحاماة العالمية "بيكر ماكنزي" قرارًا بفسخ تعاقدها معه، على خلفية تغريدات له ضد "المثلية".

وتساءل الملا في إحدى تغريداته، “هل يعقل أو يقبل في بلد عربي ومسلم قيام مطعم بالاحتفال علنا بمناسبات الشواذ والترويج لها ووضع قوائم طعام بخصومات خاصة في استهتار واضح بقيم المجتمع؟”. 

وكردة فعل على قرار الشركة الأشهر، أشاد العديد من المتفاعلين بالمحامي الإماراتي، مؤكدين دعمهم له في موقفه، الذي اعتبر بعضهم أنه "جاء إرساء لهوية المجتمع وحفاظا على ثوابته".

فسخ التعاقد لاختلاف وجهات النظر!

دائمًا ما تأتي العلل مفسرة للتساؤلات وشارحة لها، إلا في هذه الحالة فقد كان التفسير والشرح مدعاة للتساؤل ومثيرًا للاستغراب بل وضد المنطق، فوفقًا لتقارير صحفية، أعلنت شركة "بيكر مكنزي" في بيان رسمي أنها بصدد اتخاذ إجراءات لفسخ شراكتها مع المحامي الإماراتي الدكتور حبيب الملا، بسبب ما قالت إنه "اختلاف في وجهات النظر". 

وأوضحت الشركة أنها "اضطرت لإنهاء العلاقة مع المحامي الإماراتي بسبب تغريدات لا تعبر عن نهجها"، دون أن توضح ماهية التغريدات. 

ولاحقًا، أكد المحامي حبيب الملا عبر حسابه في موقع التواصل "تويتر"، ما جاء في بيان الشركة، قائلا إنه تم إنهاء علاقة الشراكة بينهما.

وكشف الملا عن أسباب فسخ الشراكة، في سلسلة تغريدات على تويتر، لافتا إلى أنها "جاءت بعد نشره مواقف تناهض المثلية والمحتويات المسيئة للأطفال". 

قرار الصمود

في عالم يتحمل فيه المرء ضريبة رأيه، ليس هناك خيار سوى الصمود، وهذا ما فعله “حبيب”، حيث علق على قرار الشركة الأشهر قائلا: “خبر انفصال بيكر صحيح وسنعمل كمكتب مستقل وسنستمر في خدمة عملائنا كما عهدونا دائما، ألتزم الصمت ولن أعلق على ما حدث احتراما للعلاقة التي كانت بيننا، وسنبدأ في الأسبوع المقبل محادثات الانفصال والتخارج وبناء على ذلك يكون لكل حادث حديث”.

وشدد على أن "فسخ شراكته لن يثنيه عن موقفه ومبادئه وهويته"، لافتًا إلى أن الشركة حاولت فرض وجهة نظرها بعد انتقاده مجتمع الشواذ. 

وكان الدكتور حبيب الملا قد أشاد بموقف كل من هيئة الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام، في الإمارات، الرافض للمحتوى المخالف لـ"نتفليكس".

تضامن ومساندة

وإثر إعلان الشركة أنها بصدد فسخ العقد انطلقت حملة تضامن واسعة مع المحامي الشهير عبر موقع التواصل تويتر، ومن خلال هاشتاج #حبيب_الملا_قامة_وهامة.

وأشاد مدير إدارة الإفتاء بدبي الدكتور أحمد الحداد بموقف المحامي، واصفًا موقفه بـ"المشرف"، وكذلك أيدت المحامية ريما الجرش موقفه قائلة: "الدكتور حبيب قامة قانونية مشرفة ومواقفه واضحة ولن يقبل بالمزايدة على حساب مبادئه ودينه، ولن يضره انفصال هذه الشركة عنه فهو محام قديم وله مكتبه الخاص ولن تتوقف مسيرته بسبب هذا الانفصال وكلنا داعمين له بالقول والفعل، وموقفه شرف لجميع المحامين الإماراتيين". 

ودعم الحقوقي علي البيرق الشامسي موقف الدكتور الملا، قائلا: "منذ عرفنا الدكتور حبيب وهو يدافع عن حقوق الوطن والمواطنين، ولم يرضَ أن يبيع مبادئه بمقابل مادي، ويداهن الآخرين، نفتخر به ونقف معه ونشد أزره في مواجهة الشركات الأجنبية التي تمارس أسلوب الابتزاز الوظيفي لصالح التنازل عن مبادئ تخص ديننا". 

وكتب الناشط في مجال التطوع سلطان الوشاحي: "انفصال أحد أشهر مكاتب المحاماة العالمية عن الشراكة مع المحامي، بسبب رأيه الشخصي في مجتمع الشواذ! هل ما زال أحد يصدق أن الغرب يحترم حرية التعبير؟! كل الدعم و الاحترام و التقدير للدكتور حبيب الملا، والله يوفقك يا رب".

حرية إبداء الآراء السلمية للجميع 

قال الحقوقي البارز وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، نجاد البرعي: “إن حرية إبداء الآراء السلمية حق للجميع، طالما هذا الرأي لا يدعو إلى العنف، ولا يجوز لأحد أن يتعرض للضرر بسبب إعلانه عن رأيه الشخصي أيًا كان هذا الرأي، وهذا مبدأ ليس له استثناءات ويجب الدفاع عنه، سواء كان حق المثلي في إعلانه عن رأيه أو حق المختلف معه في إبداء آرائهم أيضًا، مؤكدًا ضرورة إعطاء حبيب كامل حقوقه المادية”.

وأضاف الخبير القانوني في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إنه إن لم نكن مستقيمين في طلباتنا فيما يتعلق بالحرية فسنكون أول الخاسرين، لذا ما نطالب به هو ضمان حرية الرأي للجميع مؤيدًا كان أو معارضًا، وألا يضار أحد في رزقه بناء على رأيه.

نص التعاقد الفيصل بينهما

وبدوره، قال مستشار القانون الدولي، كمال يونس: "إن للمحامي حبيب ملا الحرية الكاملة في التعبير عن رأيه، حيث توفر القوانين الحق لكل فرد الحق في إبداء رأيه بطريقة سلمية، وشخصيًا أوافقه الرأي في نقده المثلية، وإذا تسبب نقده إلغاء التعاقد فهو شرف له.

وفيما يتعلق بالتعويض القانوني، أكد يونس أنه إذا كانت له حقوق مالية مترتبة على العقد فيحق له إقامة دعوى للمطالبة بهذه الحقوق، أما إذا نال كافة حقوقه فلن يضار من إلغاء هذا التوكيل".

وتابع في تصريح خاص لـ"جسور بوست": "العقد شريعة المتعاقدين وما لم يكن توكيلًا خاصًا أو عامًا شاملًا، للمتعاقد الحق في إلغاء التوكيل في أي وقت، ولكن يجب أن يكون هذا الحق مستندًا إلى أسباب قانونية، وهناك توكيلات خاصة تبيح للمتعاقد إلغاء توكيله دون إبداء أي أسباب، وهناك توكيلات يُنص فيها صراحة أنه لا يجوز إلغاء التوكيل أو التعاقد إلا بموافقة الطرفين، فالأمر متوقف على التعاقد بين حبيب وبين هذه الشركة، فإذا كان هناك نص صريح على أنه لا يجوز الإلغاء إلا بموافقة الطرفين فيحق له أن يطالب بالتعويض وإلا فلا.

وعن تجريم القانون إلغاء التعاقد استنادًا إلى آراء شخصية قال الخبير الدولي: “إن هناك بلادا تمنع وتعاقب من يفعل ذلك، وهناك دول أخرى تبيحه، فالأمر يختلف من دولة لأخرى، والأفراد ملتزمون بما تقره قوانين الدول، فالأمر الآن يرجع إلى التعاقد بينهما وبناء عليه سيتضح له الحق في رفع دعوى قضائية والمطالبة بالتعويض أم لا”.

 

من هو حبيب الملا؟

يعد الدكتور حبيب الملا من أبرز المرجعيات القانونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لمكتب “حبيب الملا ومشاركوه” إحدى أكبر المؤسسات القانونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد مثل الحكومة وكبار المسؤولين والشخصيات في عدد من القضايا في المحافل الدولية.

وصاغ الدكتور الملا الهيكل القانوني الذي أدى إلى تأسيس مركز دبي المالي العالمي كأول منطقة حرة مالية فـي دولـة الإمارات العربية المتحدة، وهو الرئيس السابق لسلطة دبي للخدمات المالية كما كان عضوًا في المجلس الوطني الاتحادي.

ويشغل الملا منصب نائب رئيس مجلس أمناء مركز دبي للتحكيم الدولي ونائب رئـيس مجلـس أمنـاء الجامعة الأمريكية بدبي.

ويحمل الدكتور حبيب الملا شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون من جامعة الإمارات العربية المتحدة، وشهادة الماجستير في القانون من جامعة هارفرد في الولايات المتحدة، وشهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة.