التغير المناخي لا الاستمطار الاصطناعي، وراء عاصفة مطيرة في الخليج

تلقيح السحب يبقى في نطاق محدود ولا يمكنه أن يفضي إلى أمطار قياسية.

وكالة انباء حضرموت

يقول خبراء المناخ إن الأمطار الغزيرة التي خلفتها عاصفة مطيرة في سلطنة عمان والبحر والإمارات ناجمة عن التغير المناخي الذي يفضى إلى ارتفاع درجات الحرارة وليس الاستمطار الصناعي الذي تجريه دولة مثل الإمارات بشكل متكرر للحصول على الأمطار.

ويقتصر تلقيح السحب (الاستمطار) على دول محدودة مثل الولايات المتحدة والإمارات، ويؤدي إلى الحصول على كميات محدودة ومتوقعة، إلا أن الاحتباس الحراري هو السبب الرئيسي في بروز الظواهر الجوية المتطرفة التي تشهدها مناطق كثيرة من العالم مثل الفيضانات التي عرفتها مدينة درنة الليبية في سبتمبر الماضي.

وما حدث في المنخفض المطير في الخليج يشبه إعصار دانيال الذي ضرب درنة لكن الفرق أن البنية التحتية في الإمارات وعمان متينة ساعدت على تجنب النتائج الأسوأ في حين خلف إعصار درنة دمارا واسعا أودى بحياة الآلاف من الأشخاص.

ما حدث يشبه إعصار درنة لكن الفرق أن البنية التحتية في الإمارات وعمان متينة وساعدت على تجنب الأسوأ

وقال خبراء الأرصاد الجوية لوكالة أسوشيتد برس إن “تلقيح السحب يمكن أن يؤدّي إلى هطول الأمطار ولكن بنسبة لا تصل إلى ما شهدته الإمارات، وخاصة مدينة دبي”.

ولا يزال تلقيح السحب مثيرا للجدل، على الرغم من مرور عقود على اعتماده. لكن لم يبلغ أحد عن فيضانات جرت بسببه. وغالبا ما تستخدم الدولة التكنولوجيا في محاولة لضغط كل قطرة رطوبة من السماء، وعادة ما تنتج أقل من 4 أو 5 بوصات (10 إلى 13 سم) من الأمطار سنويا.

وقال عالم الأرصاد الجوية الخاص رايان ماو، وهو كبير العلماء السابق في الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، “من المؤكد أننا لا نشهد نتيجة عملية تلقيح السحب. إذا حقق تلقيح السحب هذا، فستكون للإمارات هذه الكميات من المياه طوال الوقت. لا يمكنك إنشاء الماء من الهواء وتسجيل 6 بوصات من الأمطار”.

وتساقطت أمطار غزيرة بمستوى لم تشهده الإمارات منذ 75 عامًا، ما تسبب في فيضانات غير مسبوقة. وحاصرت السيول السكان في الشوارع والمكاتب والمنازل وأغلقت الطرقات. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي مراكز تجارية تجتاحها المياه من الأسطح.

ووصلت العاصفة إلى الإمارات والبحرين الثلاثاء بعد أن ضربت سلطنة عُمان حيث تسببت في مصرع 21 شخصًا، بحسب أحدث حصيلة نشرتها السلطات.

وقال مايكل مان، عالم المناخ في جامعة بنسلفانيا، إن “ثلاثة أنظمة للضغط المنخفض شكلت قطارا من العواصف يتحرك ببطء على طول التيار النفاث (الهواء الذي يحرك أنظمة الطقس) باتجاه الخليج”. وأضاف أن “اتهام الاستمطار يتجاهل التوقعات والأسباب”.

وأكد مان وعلماء آخرون أن الكثير من الذين يشيرون إلى الاستمطار هم ممن ينكرون تغير المناخ ويحاولون صرف الانتباه عما يحدث في الحقيقة.

وقالت فريدريك أوتو، عالمة المناخ في الكلية الإمبراطورية لندن (إمبيريال كوليدج)، التي ترأس فريقا يقيم ظواهر الطقس لمعرفة ما إذا كانت ناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، “عندما نتحدث عن هطول الأمطار الغزيرة، علينا أن نتحدث عن تغير المناخ. إن التركيز على تلقيح السحب مضلل. أصبح هطول الأمطار أكثر غزارة في جميع أنحاء العالم مع ارتفاع درجة حرارة المناخ لأن الجو الأكثر سخونة يحمل المزيد من الرطوبة”.

ووجدت دراسة حديثة نمطا واضحا لهطول الأمطار يقدم دليلا على نجاح الاستمطار. لكن العلماء يقولون إن مدى فاعليته مازال غامضا. وقال ماو ومان إن العملية منطقية، لكن النتائج كانت محدودة إلى درجة أن العلماء لم يتمكنوا من الاتفاق على ما إذا كان من الممكن القول إنها فعالة.

وذكر ماو أن القوى الجوية ضخمة جدا وفوضوية للغاية إلى درجة أن تلقيح السحب يبقى “نطاقا صغيرا لا يمكنه أن يحقق ما حدث”. وقال إن “هطول الأمطار الإضافية بسبب الاستمطار سيكون بمعدل صغير جدا”. وأضاف أن منطقة الخليج لا تتعرض للكثير من العواصف، ولكن التي تشهدها تكون ضخمة مقارنة بما اعتاد عليه الكثيرون في الولايات المتحدة.

وقالت سوزان غراي، أستاذة الأرصاد الجوية بجامعة ريدينغ، إن العواصف الاستوائية الضخمة مثل هذه “لا تعد أحداثا نادرة في الشرق الأوسط”.

واستشهدت بدراسة حديثة تحلل حوالي 100 حدث من هذا النوع في جنوب شبه الجزيرة العربية من سنة 2000 إلى عام 2020. وكان جلها في مارس وأبريل، بما في ذلك عاصفة مارس 2016 حيث سجّلت دبي في غضون ساعات قليلة خلالها 9.4 بوصة (حوالي 24 سم).

وأشارت دراسة نُشرت عام 2021 إلى أنه “أمكننا تحديد زيادة ذات دلالة إحصائية في فترة العواصف الكبيرة فوق جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. ويشير الأمر إلى أن هذه الأحداث الجوية القاسية قد تكون أكثر تأثيرا في عالم يزداد حرارة”. ويقول العلماء إنه بينما يمكن أن يحقق الاستمطار بعض النتائج، إلا أنه لا يسبب هطول الأمطار بهذا القدر.

وقال ماو، الذي عينه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، “ربما يكون الأمر مجرد غرور بشري لنشعر بأنه يمكننا التحكم في الطقس مثلما يحدث في أفلام ستار تريك. ربما نؤثر على الغلاف الجوي على نطاقات زمنية ومناخية طويلة، ولكننا لسنا قريبين من السيطرة على العواصف الممطرة. وإذا كنا قادرين على ذلك، فسنكون قادرين على حل العديد من المشاكل الأصعب من مجرد هطول أمطار غزيرة في دبي”.