حرس النظام الإيراني، العمود الفقري لاستراتيجية خامنئي في التدخل الإقليمي

التدخل الإيراني في شؤون المنطقة وتأثيره التخريبي لا يخفى على أحد. لقد صرح مسؤولو النظام مرارًا بسيطرتهم على دول عربية رئيسية مثل سوريا، لبنان، العراق، واليمن، ولم يخفوا دورهم في تأجيج الصراعات في فلسطين.

موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وكاله انباء حضرموت

التدخل الإيراني في شؤون المنطقة وتأثيره التخريبي لا يخفى على أحد. لقد صرح مسؤولو النظام مرارًا بسيطرتهم على دول عربية رئيسية مثل سوريا، لبنان، العراق، واليمن، ولم يخفوا دورهم في تأجيج الصراعات في فلسطين.

الحرس يمثل الأداة الأساسية والأكثر أهمية للنظام الإيراني في توسيع نفوذه الإقليمي، وهو نفسه الأداة المستخدمة لقمع الشعب الإيراني داخليًا.

يحافظ النظام على قبضته على الدول التي يسيطر عليها من خلال استخدام القوات الوكيلة، مستعينًا بالقوة والسلاح والعنف ضد شعوب هذه الدول نفسها، بدءًا من حزب الله في لبنان إلى الحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن، والميليشيات المتنوعة في سوريا، وصولًا إلى التآمر ضد قوات منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح.

تأسيس هذه القوات الوكيلة وإدارتها وتسليحها يتم بشكل مباشر عبر الحرس وفرعه الخارجي، فيلق القدس.

الحرس هو، بحق، الدعامة الأساسية للنظام الديني في إيران. إذا ما تم استهداف هذا العمود، فإن نظام ولاية الفقيه سيتعرض للشلل والانهيار، سواء داخل إيران أو على الصعيد الإقليمي.

الأهمية البالغة التي يوليها خامنئي لهذا الجهاز وتفويضه بجميع الشرايين السياسية والاقتصادية للبلاد يعود إلى هذا السبب بالتحديد؛ فبدون الحرس، لن يستمر نظام ولاية الفقيه. أعلن خميني بوضوح أن بقاء الدولة (نظام ملالي إيران) مرهون بوجود الحرس.

فيما يتعلق بالشأن الداخلي الإيراني، قام خامنئي بتقسيم الحرس إلى وحدات للمحافظات، مخصصًا لكل محافظة لواءً من الحرس لقمع الشعب في مواجهة الانتفاضات.

الحرس يسيطر على جميع المحافظات والبلديات والوزارات، وحتى الجامعات والمصانع. حكومة خامنئي قائمة على الحرس وتعتمد عليه، وهو يتألف من قسمين: القوات المسلحة والحرس الذين يديرون جميع الأجهزة الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها في إيران، متبعين خط خامنئي والحرس.

الشريان الاقتصادي للنظام وأكبر المؤسسات الاقتصادية والعسكرية، من النفط والبتروكيماويات إلى بناء الطرق والسدود والبنوك والمصانع الكبيرة، والموانئ، وكذلك المشاريع النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار، كلها تحت سيطرة الحرس.

تشكيلة الحكومة الحالية تحت قيادة رئيسي هي في الواقع حكومة الحرس. أحمد وحيدي، وزير الداخلية للنظام، ومحمد مخبر، نائب الرئيس، هما من قادة الحرس. حسين أمير عبد اللهيان، عضو في فيلق القدس الإرهابي.

العديد من الكوادر الخارجية للنظام الذين يحملون لقب “دبلوماسي” هم من عناصر الحرس أو مرتبطون بوزارة المخابرات ويستخدمون جوازات سفر دبلوماسية. السفارات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن تحت سيطرة فيلق القدس الإرهابي بالكامل.

مصطلح السفارة لا ينطبق على النظام الإيراني، وجميعها تعتبر جزءًا من الحرس ووزارة المخابرات الإيرانية. على سبيل المثال، اسدالله اسدي، الذي حُكم عليه في محكمة جنائية بلجيكية بالسجن لمدة عشرين عامًا وكان يخطط لتفجير التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية في فيلبينت باريس في يونيو 2018، كان السكرتير الثالث لسفارة النظام في فيينا، عاصمة النمسا، لكنه في الواقع كان عنصرًا من وزارة المخابرات.

إيرج مسجدي، الذي كان سفيرًا للنظام في العراق لسنوات عديدة، كان لواءً في فيلق القدس الإرهابي.

حسين أكبري، السفير الحالي للنظام في سوريا، هو أحد القادة البارزين في الحرس وفيلق القدس.

هذا الوضع يجعل من السفارات الإيرانية في الخارج أكثر من مجرد مؤسسات دبلوماسية؛ فهي تعمل كمراكز للعمليات الخارجية للحرس ووزارة المخابرات.

لذلك، فإن الخطوة الأكثر أهمية لوقف تدخلات النظام في المنطقة هي إدراج الحرس كأهم أداة للقمع الداخلي والعدوان الخارجي على قائمة الإرهاب.

أي تردد في هذا الأمر يعني التساهل مع هذا النظام وإطعام التمساح. أي سياسة تساهل مع النظام من خلال الاعتراف بالحرس تعتبر في الواقع مساعدة مباشرة لزيادة إراقة دماء شعوب المنطقة والمساهمة في تدمير الدول في المنطقة بشكل أكبر.

إن الاعتراف بالحرس وتسامح السياسات الدولية معه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم العنف والدمار، مما يضع أمن واستقرار المنطقة في خطر جسيم.