شغف واهتمام كبير

انتخابات الأندية الرياضية في مصر أكثر جذبا من الانتخابات السياسية

بغداد

فتحت عدة أندية رياضية في مصر باب الترشح لانتخاب رئيس وأعضاء مجلس إدارة جدد خلال الأيام المقبلة، في ظل منافسات ساخنة تسيطر على غالبية الأندية التي تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة في فروعها الرياضية المختلفة، وهو ما جعل مراقبين يلتفتون إلى هذا الاهتمام والجاذبية والشعبية مقارنين بينها وبين اللامبالاة التي سادت انتخابات مجلسيْ النواب والشيوخ من قبل، والتي أكدت أن السياسة ماتت في مصر.

وأعلنت أندية الأهلي وسموحة والصيد وغيرها في الأيام الماضية عن بدء الترشح لعقد الانتخابات خلال أكتوبر الجاري ونوفمبر المقبل، واختار كل ناد توقيتات تناسب أعضاء الجمعية العمومية بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة.

وتحظى انتخابات الأندية باهتمام كبير من جانب أعضاء الأندية التي يتراوح عدد أعضاء بعضها بين 150 و200 ألف عضو، فضلا عن مشجعي الأندية الأكثر شعبية مثل ناديي الأهلي والزمالك اللذين يشجع كلا منهما الملايين من المواطنين وينشغلون بالانتخابات ولو لم يكن لهم الحق في التصويت، لأن الفائز بمقعد رئيس النادي يلعب دورا مهما في زيادة أو خفض شعبيته.

وتحظى انتخابات الأندية الرياضية باهتمام يفوق نظيرتها السياسية على مستوى البرلمان بغرفتيه أو داخل الأحزاب، بل تتفوق نسبة الحضور فيها على الانتخابات الرئاسية نفسها، لأن الأولى تتسم بقدر كبير من المصداقية والشفافية ويثق المرشحون والناخبون أيضا في جديتها وعدم اقتراب التزوير منها، وبالتالي عدم التشكيك في مخرجاتها، على عكس الثانية التي تتدخل فيها عوامل أمنية وسياسية تؤثر على نتائجها.

وقال المحلل السياسي جمال أسعد إن “الاهتمام بانتخابات الأندية يرجع إلى أبعاد مرتبطة بكرة القدم التي تعكس توجهات ومحتويات وثقافات وطبقات المجتمع المصري، وبات المواطنون العاديون يديرون أمورهم بنظرية ‘الأهلي والزمالك’ التي تعبر عن التعامل الشعبي مع منهج ‘مع أو ضد’، وتعني نتائجها إسقاط الحوار الرصين”.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “الصراع الصفري دفع قطاعات عديدة إلى العزوف عن المشاركة، الأمر الذي انعكس على الاقتراعات العامة السابقة. وما ساعد على ذلك أن الحالة السياسية الحقيقية غابت فيها الأحزاب أو تحولت إلى جمعيات تقدم الخدمات وتبيع السلع، وتتجاهل دورها كمدرسة سياسية”.

وكانت انتخابات النقابات المهنية الوحيدة التي تنافس الأندية الرياضية في متابعتها قبل أن تفقد بريقها بعد ابتعادها عن السياسة بسبب التضييق في الفضاء العام وانشغال المرشحين بالهموم النقابية وإغراءات الخدمات التي تقدم للناخبين، فضلا عن زيادة التدخلات الأمنية لترجيح كفة بعض المرشحين على حساب غيرهم.

وأشار محمود عارف -وهو شاب في منتصف الثلاثينات- إلى أنه يتابع انتخابات النادي الأهلي بعد أن فُتح باب الترشح في التاسع من أكتوبر، وينتظر معرفة اسم المرشح المنافس للرئيس الحالي محمود الخطيب صاحب الشعبية الطاغية داخل النادي وخارجه، وحقق إنجازات تمكنه من الفوز بسهولة.

وأضاف عارف لـ”العرب” أنه معني بانتخابات الأهلي لأن هناك احتمالا كبيرا لحدوث مفاجآت بخصوص أعضاء مجلس الإدارة الذي يشهد منافسة حادة من أعمار مختلفة، وأنه شغوف بمتابعة الترشح والتصويت وعمليات الفرز التي تمضي بنزاهة يفتقدها في الانتخابات السياسية التي لم يعد يعبأ بها، ترشيحا أو انتخابا.

ولا يزال مصير انتخابات نادي الزمالك، الغريم التقليدي للأهلي، مجهولا بسبب مشكلات طرأت على النادي بعد إقالة رئيسه السابق مرتضى منصور الذي خلط الرياضة بالسياسة، وهو ما عرّضه لمشاكل عديدة.

ويترقب محبو الزمالك بشغف تحديد موعد للانتخابات بعد تنقية أسماء الجمعية العمومية والنأي بها عن أي شبهات تعطل مسيرتها، كما يترقبون مصير مرتضى نفسه الذي تحوم شكوك حول إمكانية ترشحه بسبب اتهامه بارتكاب تجاوزات خلال فترة ترؤسه للنادي.

وتأتي الثقة التي تحظى بها انتخابات الأندية من كونها بعيدة عما يسمى بـ”تصويت الأموات” الذي اشتهرت به الكثير من الانتخابات ذات الطابع السياسي، والناجم عن عدم تنقية جداول الانتخابات بدقة، أو حدوث تزوير في الاقتراع بقيام أنصار أحد المرشحين النافذين بالتصويت نيابة عن أشخاص أصبحوا في عداد الموتى.

وتستثمر الحكومة احتفاظ الأندية بحظوظها الإيجابية في الانتخابات لصالحها بدعوى أنها لا تتدخل فيها بتاتا، لا من قريب ولا من بعيد.

ومن المتوقع أن تظل انتخابات الأندية بعيدة عن التجاذبات السياسية ولن تمثل تهديدا للحكومة التي تستفيد من انشغال الرأي العام بالمرشحين وتباين برامجهم في تسخين الأجواء بما يجري داخل الأندية بدلا من تسخينها خارجها والتركيز على هموم الناس والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تلاحقهم.

وشهدت الفترة الماضية توظيفا سياسيا للكثير من الأحداث الرياضية، فكلما اشتبك جمهور الأهلي مع جمهور الزمالك حول انتقال لاعب من هنا إلى هناك -أو العكس- أو حدث خطأ في مباراة أحدهما تاهت الأزمات الأخرى التي تمثل صداعا في رأس الحكومة المصرية