تقرير: أزمات متراكمة على طاولة "حكومة عبدالملك".. ماذا بعد الزيارة المفاجئة إلى شبوة؟

عدن

تتراكم الملفات الشائكة وتتزاحم على طاولة الحكومة اليمنية المشكلة وفقا لاتفاق الرياض الموقع بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في ظل استمرار الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، عن الجهة المعيقة لوصول الحكومة إلى العاصمة عدن، وغيابها عن المشهد لقرابة 6 أشهر متواصلة، وسط ظروف اقتصادية وعسكرية وأمنية تعصف بالبلاد.

ووصل رئيس الحكومة الدكتور معين عبدالملك، أمس الاثنين، إلى مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، برفقة عدد من الوزراء، بشكل مفاجئ، قبل أن تتردد أنباء عن مغادرته المدينة عقب ساعات من لقائه محافظ شبوة، إلى وجهة لم يتم الكشف عنها.

وذكرت وكالة الأنباء اليمنية ”سبأ“، أن عبدالملك وصل شبوة ”للاطلاع ميدانيا على الأوضاع العسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والخدمية والتنموية، في شبوة والمحافظات المحررة“.

وأشارت الوكالة إلى أنه من المقرر أن يرأس عبدالملك ”اجتماعات لقيادات السلطة المحلية والتنفيذية والقيادات العسكرية والأمنية، لمناقشة الاحتياجات والمتطلبات العاجلة لدعم معركة استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، وكذلك التدابير اللازمة لوقف التدهور الاقتصادي، واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى دعم العملة الوطنية، بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية“.

أولوية قصوى

ويبرز الملف الاقتصادي من بين الملفات المتراكمة التي تنتظر تدخلات وإجراءات حكومية ملموسة عاجلة، باعتباره أولوية قصوى، تمس احتياجات المواطنين الذين يقاسون ويلات ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وتردي حالتهم المعيشية، في ظل مواصلة العملة المحلية انهيارها غير المسبوق أمام العملات الأجنبية.

وبلغ سعر الدولار الأمريكي الواحد، أمس الاثنين، أكثر من 1200 ريال يمني، مسجلا تراجعا هو الأكبر في تاريخ العملة المحلية، في بلد يعتمد على الاستيراد بشكل رئيسي، لتغطية احتياجاته الأساسية.

وطبقا لما أعلنه رئيس الحكومة اليمنية، في آب/ أغسطس الماضي، فإن الأولوية القصوى لحكومته تتجسد في ”تخفيف معاناة المواطنين جراء التحديات الاقتصادية الراهنة وتراجع سعر العملة الوطنية، والعمل على مواصلة تنفيذ اتفاق الرياض، واستكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب الحوثي“.

ولا يعتقد نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، أن بإمكان الحكومة إيجاد الحلول للملفات المعلقة من خلال ”مثل هذه التحركات العشوائية التي هي في مضمونها دعم لسلطات الإخوان المسلمين“، في إشارة إلى وصول الحكومة إلى محافظة شبوة التي يترأس سلطاتها، محمد بن عديو، القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح.

وقال صالح، في حديثه لوكالة إرم نيوز، إن الوضع الاقتصادي ”وصل إلى مرحلة معقدة للغاية، ويحتاج لإرادة سياسية ورغبة صادقة في معالجة الأزمات الطاحنة التي يعانيها المواطن.. والأهم من ذلك هو إصلاح الخلل في منظومة الشرعية ومعالجة الفساد الذي أوصل البلد إلى حالة الإفلاس“.

ويرى نائب رئيس الدائرة الإعلامية لدى الانتقالي الجنوبي، أن ”معالجة الأزمات تلزم الحكومة أن تواجه التحديات التي أمامها والعودة إلى عدن وإجراء تغييرات في إدارة البنك المركزي وإلزام المحافظات بتوريد إيراداتها إليه، وليس بالتنقل من معقل إخواني إلى آخر“، بحسب قوله.

وأشار إلى أن ”ما ينتظر الحكومة ملفات عديدة كبيرة وخطيرة، أهمها معالجة انهيار العملة وتوفير الخدمات ودفع مرتبات موظفي الدولة خاصة منتسبي الجيش والأمن“.

وغادرت الحكومة اليمنية عاصمة البلاد عدن، أواخر آذار/ مارس الماضي، بعد موجة احتجاجات شعبية غاضبة، اقتحم خلالها المتظاهرون مقرها الرئيس بالقصر الرئاسي في منطقة ”معاشيق“، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع الخدمات الضرورية، دون إجراءات حكومية فعلية.

وتتزامن عودة الحكومة مساء الإثنين، مع احتجاجات أخرى في عدة مدن رئيسة بمحافظات حضرموت وأبين وتعز، احتجاجا على استمرار حالة التدهور غير المسبوقة على مستوى المعيشة، وتأتي عقب أكثر من أسبوع على التقدم الميداني لميليشيات الحوثيين في محافظتي مأرب وشبوة.

موت سريري

ويعتقد المحلل السياسي، صلاح السقلدي، أن ”عودة الحكومة لن تحل التحديات الهائلة التي تواجهها، إلا أنها ستسهم في وقف التدهور المريع الذي يعصف بكل الصعد والمجالات“.

وأشار إلى ”أهمية عمل الحكومة بشكل مشترك، لتنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق الرياض، من خلال تضافر جهود الوزراء الممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي ووزراء الشرعية اليمنية وباقي القوى السياسية المحسوبة على الجهتين“.

وقال السقلدي إن ”اتفاق الرياض يمر بحالة موت سريري، وهو بحاجة لإنعاشه وبث الروح فيه من جديد من خلال استئناف جدي وحقيقي لتنفيذ ما تبقى من مساراته الثلاثة: العسكري – الأمني، والسياسي، والاقتصادي“.

وفي ما يتعلق بعودة الحكومة إلى عاصمة محافظة شبوة، وليس إلى عدن، وفقا لما نص عليه اتفاق الرياض، يرى المحلل السياسي أن هذه الزيارة ”تأتي على خلفية الانكسارات العسكرية التي تعرضت لها القوات التابعة للحكومة في شبوة ومأرب، وبالتالي فهي زيارة لشد عضد القوات هناك لمواجهة الحوثيين“.

ورأى السقلدي أنه ”من غير الممكن أن تبقى الحكومة اليمنية في محافظة شبوة لوقت أطول، في ظل أوضاع عسكرية خطيرة ومقلقة، ووسط اختراقات أمنية واستخباراتية حوثية نشطة للغاية، وهو ما يشكل خطرا على حياة أعضائها“، بحسب قوله.

وأضاف: ”إن كانت هذه الحكومة تخطط للبقاء طويلا في شبوة، فهذا سيكون مؤشرا مخيبا للآمال من عدم جدية هذه الحكومة بالاضطلاع بمهامها الخدمية والاقتصادية بل وحتى في ما يخص تنفيذ بنود اتفاق الرياض، فلن يكون هناك أي تنفيذ، وبالذات في ما يتعلق بالشق العسكري والأمني الذي تصر عليه الحكومة، فمن غير عدن يستحيل الانطلاق والعمل بأي صعيد أو مجال“.