تقرير: معركة مأرب تنفتح على سيناريوهات كارثية

مأرب

يرى محللون أن استيلاء المتمردين اليمنيين على مدينة مأرب الإستراتيجية في شمال البلاد، قد يغيّر مسار الحرب المتواصلة منذ سبع سنوات ويضع ملايين النازحين في خطر، بينما برز سيناريو محتمل قد يضع الحكومة اليمنية في مأزق وهو أن يقوم المتمردون بالتفاوض مع القبائل والأحزاب المحلية التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، لتجنيب المدينة المزيد من الدمار.

وصعّد الحوثيون في فبراير/شباط عملياتهم العسكرية للسيطرة على مأرب وأوقعت المعارك منذ ذلك الوقت مئات القتلى من الجانبين.

ومن شأن السيطرة على هذه المنطقة الغنية بالنفط أن تعزز الموقف التفاوضي للحوثيين في أي محادثات سلام مقبلة.

ويرى الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية عبدالغني الإرياني أن "معركة مأرب ستحدد مستقبل اليمن"، موضحا أن الحوثيين الذين يحاربون القوات الحكومية "يسيطرون على معظم المحافظة ويضيقون على المدينة".

وستؤدي سيطرة المتمردين على المدينة إلى خسارة الحكومة آخر معاقلها في الشمال وفي الوقت نفسه إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا.

ويرجّح الإرياني "أن يدفع النازحون الثمن الباهظ لهذه الحرب المدمرة"، فيما يقول الباحث أحمد ناجي من مركز مالكوم كير - كارنيغي للشرق الأوسط، إن المتمردين الحوثيين قاموا بفتح جبهات جديدة باتجاه مدينة مأرب في الأسابيع الأخيرة، ما سمح لهم بإحراز تقدم كبير.

وبحسب ناجي، في حال سيطر المتمردون على مأرب "سيستخدمونها للتقدم نحو المحافظات الجنوبية المتاخمة لها".

وترى الباحثة في شؤون اليمن في جامعة أكسفورد إليزابيث كيندال أنّ "خسارة مأرب لصالح الحوثيين ستغيّر مسار الحرب"، موضحة أن خسارة مأرب ستكون "مسمارا آخر في نعش مطالبة الحكومة بالسلطة في اليمن. في المقابل، ستعزّز موقف الحوثيين في أي محادثات سلام مرتقبة".

ويرى الإرياني أنه ما زالت هناك إمكانية أن تقبل القبائل المحلية والأحزاب التي تقاتل في صفوف القوات الموالية للحكومة عرضا من المتمردين لتجنيب المدينة الدمار، مستبعدا "أن يدخل الحوثيون المدينة بالقوة"، قائلا "على الأغلب سيتوصلون إلى اتفاق. لا يرغب أي من الطرفين بالانخراط في معركة دامية" في المدينة.

وبحسب الإرياني، "ينص العرض على أن تتنصّل السلطات المحلية من التحالف (بقيادة السعودية) وتعلن الحياد وتقاسم موارد المحافظة (مع المتمردين) في صنعاء. في المقابل، يترك الحوثيون المدينة ويعترفون بسلطتها المحلية".

ويدعم التحالف الحكومة اليمنية التي تتخذ من عدن مقرا مؤقتا بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، إلا أن معظم المسؤولين متواجدون عمليا في السعودية.

وكان عدد سكان مأرب يتراوح بين 20 و30 ألف شخص قبل اندلاع النزاع في 2014، لكنه ارتفع إلى مئات الآلاف بعدما لجأ إليها نازحون من مناطق عدة في اليمن.

وتشير الحكومة إلى وجود نحو 139 مخيما في مدينة مأرب والمحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وقد استقبلت نحو 2.2 مليون نازح.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال تعريض مئات آلاف المدنيين للخطر جراء التصعيد العسكري الذي أجبر العديد من العائلات على الفرار نحو مخيمات جديدة كلما اقترب القتال منها.

ويقول الإرياني "مع تفرق النازحين، سيكون أصعب عليهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية ومع شبح المجاعة الذي يلوح في الأفق في اليمن، فإن معركة مأرب ستجعله وشيكا أكثر"، فيما ترى كيندال أن "تأثير سيطرة المتمردين المحتملة على مأرب على الوضع الإنساني سيكون رهيبا".

ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ العام 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بدء هجومهم في 2014.

وفيما تضغط الأمم المتحدة وواشنطن من أجل إنهاء الحرب، يطالب الحوثيون بإعادة فتح مطار صنعاء المغلق بقرار من التحالف العربي منذ العام 2016، قبل أي وقف لإطلاق النار أو مفاوضات.

وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم العديد من المدنيين، وفق عدة منظمات إنسانية.

وما زال نحو 3.3 ملايين شخص نازحين، بينما يحتاج 24.1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.

ويرى ناجي أن "السيطرة على مأرب لن تدفع المتمردين الحوثيين للقبول بوساطة السلام أو حتى الالتزام به لو تم القبول به"، متابعا "على العكس، فإن هذا سيشجع الحوثيين على الانتقال إلى الأجزاء الجنوبية لضمان سيطرتهم الكاملة على كل اليمن".