الأستاذ القدير ناصر حسين عاطف الطالبي حياة حافلة بالعطاء التربوي والتضحية

طاهر حنش السعيدي
وكالة أنباء حضرموت

الأستاذ القدير والمربي الفاضل ناصر حسين عاطف حيدرة الطالبي من مواليد 1955/5/1م في قرية العلاة يافع سرار محافظة أبين. 
بدأ حياته بمنطقة سكنه وترعرع فيها وعاش يتيم الأم منذ صغره، وألتحق بالدراسة للتعليم النظامي في مدرسة المقيصرة بسرار بعد الأستقلال الوطني في عام 1967م وتحديداً بالعام الدراسي 1968/1967م حتى أكمل الصف الرابع ابتدائي ثم انتقل إلى مدينة جعار ودرس فيها الصف الخامس وكان يسكن في منزل صهره الأستاذ منصور محمد العطوي لكن الظروف في تلك الفترة لم تساعده على الاستمرار في الدراسة في جعار فعاد إلى مدرسة المقيصرة سرار ليواصل دراسته فيها بنفس الصف الذي درسه في جعار ومن ضمن زملاءه الطلاب في مدرسة المقيصرة  محمد ناصر حنش، ويسلم صالح، وعلوي ناصر، وناصر حسن خضر وغيرهم.

أكمل المرحلة الابتدائية  للصف السادس في العام الدراسي 1973/1972م، وكانت هذه الدفعة من الطلاب هي أول دفعة تجلس للامتحانات التجريبية والوزارية بالمدرسة في ذلك العام الدراسي بعدها انتقلت جميع الدفع من الطلاب من مدارس سرار والمنصورة الرباط ورخمة إلى عاصمة المديرية الغربية لبعوس من أجل مواصلة الدراسة في المرحلة الإعدادية وذلك نظراً لعدم وجود مدرسة إعدادية في المركز الإداري رصد بتلك الفترة، وبعد استكمال دراسة الصف الأول إعدادي في لبعوس تم إعادة هؤلاء الطلاب إلى مركز رصد من أجل مواصلة الدراسة في الإعدادية التي تم إنشائها وتجهيزها مع القسم الداخلي وملحقاتها لإيواء الطلاب فيها من مختلف المدارس بالمركز، لكن الظروف المعيشية القاسية التي كان يعانيها الأستاذ ناصر حسين لم تمكنه من مواصلة الدراسة، فترك الدراسة ليلتحق بالوظيفة العامة معلماً في السلك التربوي والتعليمي في 1975/11/24م وأول مدرسة تم تعيينه فيها هي مدرسة الجيل الصاعد وسطي شعب العرمي منطقة الرباط بمعية زميله الأستاذ أحمد عبد عبدالله، وكان يدير  المدرسة الأستاذ عبدالله محمد طالب بوضعية تعليمية من الصف الأول إلى الصف السادس ابتدائي بعدد طلاب 148طالب و 71 طالبة، و 8 معلمين فقط.

كان الأستاذ ناصر من أنشط المعلمين وأكثرهم انضباطاً والتزاماً بالعمل كما كان من المساهمين بتدريس صفوف محو الأمية بالمنطقة، وخلال العطلة الصيفية التحق بأول دورة تدريبية نظمتها وزارة التربية والتعليم للمعلمين أثناء تغيير المناهج التعليمية والسلم التعليمي الجديد للمدرسة الموحدة ذات الصفوف الثمانية طريقة ومادة وتخصص بتدريس مواد الصف الأول وكان يقوم بتدريس صفوف محو الأمية «نساء» في قرية العلاة أثناء العطلة الصيفية ويساهم بالأعمال الجماهيرية والحراسات الليلية للمشاريع والمنشأت بالمنطقة، وفي مطلع العام الدراسي 1976م انتقل إلى مدرسة الصعيد بمعية زميله وصديقه الأستاذ أحمد عبد عبدالله، واستمر فيها فصل دراسي واحد فقط، لينتقل بعد ذلك إلى مدرسة الخربة قسم الشعب السعدي التي كان يديرها الأستاذ ناصر علي محمد الله يرحمه، واستمر عمله فيها أربع سنوات.

كان أول لقاء لنا بالأستاذ ناصر وزميله الأستاذ علي أحمد علوي السيد في تلك المدرسة أثناء عملي بمدرسة ظلمان حيث كنا نلتقي باستمرار أثناء استلام المرتبات، ومن خلال الزيارات واللقاءات المتبادلة بين المعلمين بالمدارس بهدف التعارف وتبادل الخبرات بالعمل، وفي العام الدراسي 1982/1981م انتقل إلى مدرسة الصفأة التي كان يديرها الأستاذ علوي حسين قاسم، وانتقل بعدها الى مدرسة الرفقة بذي عسيم التي كان يديرها الأستاذ محمود نصر ناجي ومكث فيها ثلاث سنوات، وانتقل بعدها إلى مدرسة الخشناء بالعام الدراسي 1986/1985م واستمر فيها فترة طويلة لاتقل عن 25 عام حتى أحيل للمعاش التقاعدي بعد بلوغه أجل الخدمة 35 عام بالميدان مرتبطاً بالدرس والطلاب.

وفي عام 2010م عرفته معلماً نموذجياً وأكثر التزاماً وانضباطاً يمتاز بأخلاقه العالية، وسمعته الطيبة.. يجيد النكتة الهادفة والانتقاد اللاذع للأوضاع الاجتماعية وهو صاحب المقولة المشهورة: 
«اربطوا العلاوة بالراتب وأنا اربط الدرس بالواقع» رداً على أحد الموجهين الفنيين  أثناء تقييم حصة المعاينة الصفية له عندما طرح عليه هذا الموجه ضرورة ربط الدرس بالواقع «هذا كان في نهاية السبعينات»، هذه المقولة انتشر صداها بين أوساط المعلمين حتى وصلت إلى قمة الهرم التربوي بالوزارة.

كان الأستاذ ناصر محبوباً لدى طلابه وزملائه المعلمين وكل الأهالي بالمناطق التي عمل فيها، وتحصل على العديد من الشهادات التقديرية ورسائل الشكر من كل المدارس التي عمل فيها، وكان يشيد فيه الموجهين الفنيين أثناء الزيارات الميدانية للمدارس من حيث الالتزام والانضباط والتحضير والإعداد المسبق للدرس، وطرق واساليب تدريسة، وتعامله مع الطلاب.

مر الأستاذ ناصر خلال حياته العملية بظروف معيشية قاسية، واتذكر ذات مرة أثناء نزولنا التوجيهي لمدارس سرار عندما جلست معه في مدرسة الخشناء وطرحت عليه موضوع انتقاله إلى مدرسة المقيصرة ليستقر بالقرب من أسرته لكنه كان غير موافق وفضل البقاء بالخشناء لكي يمنح علاوة مبيت بالمدرسة لأنها كانت تصرف لكل من معلم يعمل خارج نطاق سكنه، وبعد عام 2012م بدأت تستاء حالته الصحية حيث تعرض لمرض الكلى واتلفت إحدى كليتيه وخضع لعملية جراحية لإستأصالها وهذا   الذي أجبره للإنتقال للأقامة والسكن في عدن لمراجعة الأطباء وإجراء  الفحوصات الطبية الدورية. 
 يتقاضى راتب شهري قدره 100000 ريال فقط بحيث أن هذا الراتب لا يتناسب مع ما قدمه من خدمات جليلة خلال 35 عام بالميدان ومرتبطاً ارتباطاً مباشراً بالدرس والطلاب ومتنقلاً بين مدارس الوسطي والصعيد والرفقة والشعب والصفأة والخشناء الواقعة في كل من رصد وسرار وسباح، وحرم مثل غيره من المتقاعدين من استراتيجية الأجور والتسويات والعلاوات السنوية والتقييمات.

تحيه وتقدير للأستاذ ناصر على تواصله معنا وتزويدنا ببعض المعلومات والبيانات الخاصة به، كذلك تحية وتقدير لولده أبراهيم الذي زودنا مشكوراً ببعض المعلومات والوثائق المتعلقة بالسيرة الذاتية لوالده
ختاماً نتمنى للأستاذ ناصر موفور الصحة والسعادة والعمر المديد.