ما حقيقة إقدام العراقيين على الزواج من سوريات.. وما الأسباب؟

وكالة أنباء حضرموت

بطريقة ساخرة مرة، وجدية مرة، يتداول شباب عراقيون في مواقع التواصل الاجتماعي، موضوعات تتعلق بالإقبال على الزواج من فتيات سوريات الجنسية، مع نصائح لذلك، وسط إحصائيات وأرقام ومزايا تعج بها المنصات العراقية، ليخرج بالجانب الآخر حديث عن زواج عراقيات من أتراك الجنسية.

وبينما يتحدث بعض المدونين عن تزايد هذه الحالات في الآونة الأخيرة، ويشرح متخصصون أسبابها التي تتعلق قيمة مهور الزواج وصعوبة الطلاق وغيرها من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية، فيما تشير تحريات "جسور" إلى عدم وجود أرقام في المحاكم العراقية تفصح عن حالات متنامية، أو تسجيل 5 آلاف زواج بين عراقي وسورية كما يُتداول في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي رأي آخر، فإن الظاهرة موجودة، وعوامل عدّة، مشتركة وفردية أدت إلى اتجاه بعض العراقيين للبحث عن زوجات سوريات لأول مرة أو كزوجة ثانية، لك "العامل الاقتصادي هو أبرز الأسباب في هذا الملف"، كما يرى باحثون في الشأن الاجتماعي.


زيادة كبيرة في زواج الأجانب  

العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان، بشرى العبيدي، رأت بأن "الزواج من الأجانب أو الأجنبيات بات في زيادة كبيرة مؤخراً وهذا لم يؤشر في بيانات رصينة من قبل الجانب الحكومي للافتقار لجهاز إحصائي رصين"، مؤكدة أن "المبادئ المجتمعية في العراق قد انهارت وهي في مراحلها الأخيرة ولذلك نشهد العزوف عن الزواج بين المحليين وكثرة الطلاق".

وتقول العبيدي في حديث لـ "جسور"، إن "الفتاة السورية تعيش أوضاعاً صعبة اقتصادياً واجتماعياً ولذلك هي ستتحمل العراقي بكل ما فيه؛ لأنه مستقر اقتصادياً وبإمكانه تقديم كل سبل المعيشة لها مقابل حصوله على الطاعة"، مبينة أن "العراقيات أصبحن ينفرن من العراقي لصعوبة أطباعه والمجتمع المنغلق والعادات التي تحيط بهن ولذلك هنّ على حق بالتوجه للزواج من أتراك أو جنسيات أخرى تعامل المرأة بشكل محترم".

وتؤكد العبيدي، أن "المرأة العراقية تقف خلفها عائلتها لتحميها من الزوج الذي بات يمارس العنف والإهمال وحرمان الحقوق، لكن السورية لن تخلق مشكلة مع العراقي بأي وضع كان مقابل استقرارها من حيث السكن والوضع الاقتصادي".

وتشير عضو حقوق الإنسان إلى أن "ذهاب العراقيات للزواج من تركي أو أجنبي آخر يأتي بسبب بحثها عن جو مناسب لطموحاتها وقوانين تحترمها وتقدّس حقوقها وليس كما في العراق حيث أسهمت القوانين بظلم كبير لها مثل قانون الحضانة والقتل بداعي الشرف وعرف زواج القاصرات، فضلاً عن الاضطهاد الكبير الذي يُمارس ضدها".

الياسري رأت أيضاً أن "الوضع الاقتصادي للرجل العراقي بالنسبة للسوريات يعتبر ممتازاً إذا ما تمت مقارنته بالوضع الاقتصادي في سوريا، كما للعامل الثقافي دور جعل الطرفين يذهبان للزواج من خارج بلدهم، مؤكدة أن "هذه الزيجات أصبحت طبيعية الآن مقارنة بعدم الرغبة بها في السابق بالنسبة للعراقيين".


مهور الزواج وسهولة الطلاق

لا توجد إحصائيات رسمية أو أرقام حقيقية تتعلق بزواج العراقيين من سوريات أو زواج العراقيات من أتراك، تقول الباحثة الباحثة الاجتماعية آلاء الياسري في حديث لـ"جسور"، وتعتقد أن "من بين العوامل المشتركة لهذا الموضوع هي مسألة الطلاق الذي يكون مستبعداً بالنسبة للفتاة أو الرجل الأجنبي سواء من جنسيات سورية أو تركية أو حتى غيرها، كما لدى الأجانب أسباب اقتصادية دعتهم للزواج من عراقيين وعراقيات إضافة إلى رغبتهم بالحصول على الجنسية العراقية".


وإذ ترى الياسري بالعامل الاقتصادي الأبرز في موضوعنا، توضح أن "طلب الطلاق من قبل المرأة السورية وأيضاً بالنسبة للرجل غير العراقي مستبعد وهو عكس الحال بالنسبة للعراقيين حيث أصبح طلب الطلاق وإيقاعه بمنتهى السهولة"، معتبرة أن "النقطة المهمة أيضاً هي قلّة قيمة المهر بالنسبة للسوريات وبُعدها عن عائلتها وعدم تدخل العائلة في حياتها يجعلها تتحمل - أكثر من العراقية - عصبية الرجل العراقي"،و هي "أسباب ساهمت أيضاً في تنامي تلك الحالات"، وفق رأيها.

ليس ظاهرة ولا أرقام رسمية

حاولت "جسور" البحث عن إحصائيات رسمية في المحاكم العراقية لعدد العراقيين الذين أقبلوا على الزواج من سوريات أو عراقيات من رجال أتراك، دون نتيجة، كون الموضوع يتم في خارج العراق ويتم تصديق عقود الزواج في السفارات العراقية وليس في محاكم البلاد.

يؤكد ذلك مصدر طلع في مجلس القضاء الأعلى، نفى ما يتم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام من أرقام وإحصائيات حول زواج العراقيين من فتيات سوريات، والتي تحدثت عن زواج نحو 5 آلاف عراقي من سوريات.

ويشير المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه،  إلى أن "مجلس القضاء حاول التقصي عن الموضوع بالتواصل مع عدة محاكم عراقية في عموم المحافظات ولم يرصد أية أرقام كبيرة في تصديق عقود الزواج لعراقيين من سوريات"، فيما أشار إلى أن "الأمر ذاته ينطبق على الحديث عن زواج مواطنات عراقيات من مواطنين أتراك".

وختم بالقول: "من يذهبون للزواج من أجنبيات يصدقون عقودهم في السفارات الموجودة في تلك البلدان ويأتون بشكل طبيعي إلى العراق"، معتبرا أن "الأمر أصبح متداولاً بشكل استغلالي لكسب التفاعل عبر مواقع التواصل؛ ولكنه لم يسجل كظاهرة لغاية الآن بالنسبة للمحاكم وقضايا الزواج والطلاق".