الكفالة: سر ديمومة خلايا "داعش" النائمة في العراق

وكالة أنباء حضرموت

بعد ان هزم تنظيم "داعش" الإرهابي عسكرياً وأنهت القوات العراقية وحلفاؤها ما يسمى بمرحلة "التمكين"، عاد التنظيم الإرهابي إلى "تكتيك الخلايا النائمة" حسب وصف الخبراء الأمنيين، والتي ينفذ من خلالها عمليات بين الحين والآخر، لكن هذه الخلايا والعمليات التي تنفذها، تحتاج إلى عنصرين أساسيين، هما "التواصل المنتظم، والتمويل المستمر، كي يضمن التنظيم ولائهم له"، وفق الخبراء.

وقبل أشهر معدودة تم الإيقاع بشخصين، أحدهما مسن، قرب طريق زراعي من قبل قوة استخبارية عراقية في منطقة تقع بين العظيم وسليمان بيك شرق العراق، لتظهر التحقيقات لاحقاً، بأن المسن "هو أهم شخصية في توزيع كفالات تنظيم داعش، لتكشف معلوماته عن بعض الخلايا النائمة"

ورغم التكتم على هويته آنذاك، لكن مصدر أمني رفيع يقول لـ "جسور"، إنّ المعلومات التي استحصلت منه "كانت وراء سلسلة من العمليات النوعية التي أسهمت بضرب 5 أوكار سرية في حاوي العظيم ومناطق أخرى شرق العراق".

ويوضح المصدر أنّ "كفالة داعش تعني توزيع أموال على أشخاص وأسر بشكل خفي وسري من أجل إبقاء التواصل معها سواء أكانت مؤمنة بفكر التنظيم أو أن أحد أفرادها ينتمي إلى التنظيم"، مشيراً إلى أنه "رغم أنّ مبالغ الكفالات محدودة، لكنها تمثل الخيط السري الذي من خلالها تتواصل قيادات داعش مع خلاياها النائمة".

ويضيف أنه "من خلال الإطاحة بـ3 شبكات تقوم بالكفالة في ديالى خلال الأشهر الماضية، تم الوصول إلى معلومات في غاية الأهمية عن أنشطة خلايا نائمة ومواقعها ونشاطها في حمرين وغيرها من المناطق".

"الرؤوس السوداء"

عضو لجنة الأمن البرلمانية النائب ياسر أسكندر وتوت، تحدث لـ"جسور"، بأن "الكفالة جزء من أيديولوجية داعش الذي يمثل امتداداً لتنظيم القاعدة الإرهابي وما تلاها من التنظيمات المتطرفة"، لافتاً إلى أنّ "كشف الكفالات تعني الوصول إلى الرؤوس السوداء في خلايا التنظيم النائمة".

ويبين وتوت أنّ "دعم داعش الخارجي تقلص بشكل كبير، وإمداداته الداخلية تضمحل بفعل الضربات النوعية للأجهزة الاستخبارية، كما أن فرض الاتاوات بات من الماضي، وهكذا فإنّ التمويل في طريقه إلى الجفاف التام".

أما الخبير في الشؤون الأمنية، أحمد التميمي، فيرى في حديثه لـ"جسور"، أنّ "داعش عبارة عن ورقة بيد مخابرات دولية والأحداث كشفت بأننا أمام كيان صنعته دوائر لتحقيق أهداف جيوسياسية في العراق والمنطقة من خلال تيار يرفع لواء الإسلام ويسعى لتشويه تعاليمه بالقتل والنهب والهدم".

ويضيف التميمي أنّ "الكفالات هي بمعناها العام إعطاء مبالع مالية على أسر التنظيم، أي أشبه بالمعونات، وهي تمثل خيطاً سرياً يربط قيادات داعش بالخلايا النائمة".

ويشير إلى أنّ "أغلب من جرى اعتقالهم ممن يوزعون الكفالات هم بالأحرى صندوق أسود لما يتمتعون به من معلومات دقيقة عن خلايا التنظيم وأنشطته وقدراته المالية وممن يجري تمويلهم"، مبيناً أنّ "تفكيك تلك الخلايا مهم للغاية لإنهاء أي أنشطة عدوانية لها".

"الجوال يفك طلاسم التمويل"

بدوره، يرى رئيس اللجنة الأمنية السابق بمجلس ديالى، صادق الحسيني، أنّ "داعش اقترب من نهايته، لكنه ما يزال يمثل خطراً من خلال أفكاره، والكفالات هي إحدى وسائله في خلق المزيد من الخلايا النائمة".

ويوضح الحسيني، لـ"جسور"، أنّ "الجزء الأكبر من ماكنة الكفالات تم تفكيكها، لكن العمل الاستخباري النشط هو من يحسم المعركة في نهاية المطاف"، مبيناً أنّ "العمليات النوعية التي تجري بين فترة وأخرى تدلل على أنّ المعركة مع فلول التنظيم تحتاج إلى المزيد من الوقت".

ويلفت الحسيني إلى أن "الكفالات توزع من قبل ما يسمى بالجوال وهي تسمية يجب الانتباه لها والسعي إلى فك طلاسمها، لأن "قطع التمويل هي بداية النهاية لما تبقى من خلايا نائمة".