الفلسطينيون يخاطرون بتضييع فرصة إدانة جنائية لإسرائيل

وكالة أنباء حضرموت

تتهم جهات فلسطينية إسرائيل بارتكاب جرائم قتل لأسرى ومدنيين ثم دفنهم في مقابر جماعية خلال هجومها على مناطق مختلفة بغزة، ما يمثل فرصة فلسطينية لإدانة إسرائيل أمام القضاء الدولي.

لكن ما يثير المخاوف أن الاستغراق في سرد تفاصيل المجازر في التلفزيونات ونشر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي والمبالغات أو الكذب أو عدم العناية باستخراج الجثث وتدوين أسماء أصحابها، كل هذه العناصر قد تضيّع على الفلسطينيين فرصة إدانة جنائية لا يجب أن تبدَّد.

والموضوع لا يحتاج إلى مزايدات بقدر ما يحتاج إلى الهدوء والتوثيق وتجميع الأدلة والشهادات بحضور ممثلي جهات أو منظمات دولية تعنى برصد الجرائم ومتابعة منفذيها. ويجب الفصل بين توثيق الجرائم واستثمارها سياسيّا من قبَل حماس أو غيرها في سياق التشنيع على إسرائيل، لأن الجهات الجنائية الدولية المختصة لا تعتمد إلا الأدلة.

المقابر الجماعية هي مواقع لجرائم موصوفة يجب أن تتم حمايتها وترك العمل فيها لفريق متخصص بحضور دولي

وليس مهمّا ما إذا كان عدد من تم اكتشاف جثامينهم في مقبرة جماعية عشرين أو مئتين، المهم إثبات أن وحدات من الجيش الإسرائيلي قتلت فلسطينيين في مواجهة غير قتالية أو بقصف وبعضهم ربطت أيديهم.

وتجب توعية الأهالي بأن من حقهم استرجاع جثامين أقاربهم، لكن هذه المقابر الجماعية هي مواقع لجرائم موصوفة يجب أن تتم حمايتها ويترك العمل فيها لفريق متخصص بحضور دولي ومنع أي شهادة أو كلام عاطفي يخلط بين من قتلوا في قصف وآخرين تمت تصفيتهم بشكل منهجي من قبل مجموعات في الجيش الإسرائيلي، سواء أكانوا مقاتلين من حماس والجهاد أم مدنيين تمت تصفيتهم في مستشفى أو في عمليات تفتيش أم مارين بالقرب من قوات إسرائيلية متمركزة في القطاع، فالقانون الدولي يجرّم قتل الأعزل أيا كان.

ويمكن أن يستفيد الفلسطينيون من الاهتمام الدولي بالقضية إذا قدموا أدلة دقيقة وذات مصداقية؛ إذ قال البيت الأبيض إنه يتطلع إلى رؤية تحقيق في التقارير المتعلقة بالمقابر الجماعية في غزة.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء إنه “شعر بالذعر” إزاء الدمار الذي لحق بمستشفيي ناصر والشفاء في قطاع غزة والتقارير التي تفيد بوجود مقابر جماعية هناك فيها المئات من الجثث، وفقا للمتحدثة باسمه. ووصفت فرنسا الخميس التقارير بأنها “مقلقة للغاية”، وضمت صوتها إلى الأصوات المتزايدة التي تدعو إلى إجراء تحقيق مستقل.

ودعا فريق من الدفاع المدني الفلسطيني الخميس الأمم المتحدة إلى التحقيق في ما اعتبره جرائم حرب في مستشفى بغزة، وقال إنه جرى انتشال نحو 400 جثة من مقابر جماعية بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الموقع.

وقال الدفاع المدني في مؤتمر صحفي “هناك حالات إعدام ميداني لبعض المرضى خلال إجراء عمليات جراحية لهم وارتدائهم ملابس العمليات بمجمع ناصر الطبي”، دون عرض أي دليل.

وتجمّع الأربعاء عدد كبير من أهالي قتلى ومفقودين قرب المستشفى بحثا عن أحبائهم. واتهم الدفاع المدني القوات الإسرائيلية التي نفّذت عملية عسكرية واسعة في المستشفى على مدى أسابيع بقتل فلسطينيين ودفنهم في المكان نفسه.

وقال العقيد يامن أبوسليمان “تم رصد وجود ثلاث مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي، الأولى أمام المشرحة والثانية خلفها والثالثة شمال مبنى غسيل الكلى، وقد تكدّست فيها جثامين الشهداء”.

وتابع “هناك مؤشرات وشبهات حول تنفيذ إعدامات ميدانية بحق جزء منهم، وشكوك بممارسة التعذيب الجسدي على جزء آخر، وشكوك أخرى بدفن بعضهم أحياء”.

وقال مدير دائرة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني بقطاع غزة محمد المغيّر في المؤتمر الصحفي إن بعض الجثث كانت “مربوطة اليدين بمرابط بلاستيكية”. وأضاف “رصدنا أيضا عمليات تكبيل بطرق مختلفة بالحزام ومرابط القماش لبعض الجثامين من الأقدام إلى اليدين، وهذا يدلّ على عمليات تعذيب”.

ليس مهمّا ما إذا كان عدد من تم اكتشاف جثامينهم في مقبرة جماعية عشرين أو مئتين، المهم إثبات أن وحدات من الجيش الإسرائيلي قتلت فلسطينيين في مواجهة غير قتالية أو بقصف وبعضهم ربطت أيديهم

وقال الجيش الإسرائيلي إن مزاعم السلطات الفلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي دفن الجثث “لا أساس لها من الصحة”. وأضاف أن القوات، في إطار البحث عن رهائن إسرائيليين، فحصت جثثا دفنها الفلسطينيون في وقت سابق بالقرب من مستشفى ناصر وأعادتها كما هي بعد فحصها.

وقال في بيان “تم إجراء الفحص بعناية وحصريا في المواقع التي أشارت المخابرات إلى احتمال وجود رهائن فيها. وتم إجراء الفحص باحترام مع الحفاظ على حرمة الموتى”.

ونفت إسرائيل قتل من عثر عليهم في المقابر، ونشرت لقطات تقول إنها تظهر فلسطينيين يحفرون هذه المقابر قبل عملية الجيش الإسرائيلي.

واتهم الدفاع المدني الفلسطيني إسرائيل بدفن عدد من الجثث في مجمع مستشفى ناصر في أكياس بلاستيكية على عمق ثلاثة أمتار حيث تحللت بسرعة، قائلا إن ذلك أخفى أدلة على “جرائمها” بما في ذلك التعذيب.

ويجري مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي تحقيقات تتعلق بطرفي حرب إسرائيل وغزة، بما في ذلك أحداث السابع من أكتوبر وما تبعها.

وقال رئيس الادعاء كريم خان إن فريقه “يحقق بشكل نشط في أي جريمة يُزعم ارتكابها” في غزة، وإن “أولئك الذين ينتهكون القانون سيحاسبون”.